والله تعالى متفضّل على عباده عادل قد يعطي من الثواب أضعاف ما يستوجبه العبد تفضّلا منه ، وقد يعاقب على الذنب عدلا منه وقد يعفو فضلا منه ...
____________________________________
في التفسير والشروح الحديثية (والله تعالى متفضّل على عباده) أي عامل بفضله على بعضهم (وعادل) أي عامل بعدله في بعضهم كما قال الله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١). وفي الحدث القدسي : «خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي وخلقت هؤلاء للنّار ولا أبالي» (٢). وهذا باعتبار توفيق الإيمان وتحقيق الخذلان ويترتب عليه قوله (قد يعطي) أي الله سبحانه (من الثواب) أي الأجر على الطاعة في الدنيا والآخرة (أضعاف ما يستوجبه العبد) أي يستحق (تفضّلا منه) أي في الزيادة كما قال الله تعالى : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (٣). أي ما يشاء من الدرجات في المثوبة ومقام القربة بحسب الإخلاص ، (وقد يعاقب على الذنب) أي بقدر ما يستحقه العبد بلا زيادة عقوبة (عدلا منه) كما أخبر عنهما في كتابه بقوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٤). أي بنقص ثواب ، أو بزيادة عقاب (وقد يعفو) أي عن السيئة (فضلا منه) سواء يكون بواسطة شفاعة أو بدونها لقوله سبحانه وتعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٥). ولقوله تعالى : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٦). أي ما دون الشرك صغيرا أو كبيرا لمن يريد غفرانه تفضّلا.
والحاصل أن زيادة العشرة عامّة ، وأما الزيادة عليها فخاصة والكل فضل محض ورحمة خالصة ، وربما تكون الزيادة بسبب اختلاف مقامات أصحاب العبادة ، أو بحسب تعلّق مجرد الإرادة بما سبق لهم من عناية السعادة ، وأما قول شارح : فليس له أن يعطى من الثواب أحد المتساويين في العبادة واليقين أكثر مما يعطى الآخر ، أو يعفو عن أحد
__________________
(١) يونس : ٢٥.
(٢) أخرجه أحمد ٦ / ٤٤١ ، والبزار ٢١٤٤ من حديث أبي الدرداء وقال الهيثمي في المجمع ٧ / ١٨٥ : رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح.
قلت : وفيه : أبو الربيع سليمان بن عتبة ، ضعّفه ابن معين ، ووثّقه دحيم وابن حبان. وقال أبو حاتم : لا بأس به. وقال البزار : لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد وإسناده حسن. وله شواهد أخرى انظر المجمع ٧ / ١٨٦.
(٣) البقرة : ٢٦١.
(٤) الأنعام : ١٦١.
(٥) الشورى : ٣٠.
(٦) النساء : ٤٨.