والإيمان في ذلك ويتفاوتون فيما دون الإيمان في ذلك كله ....
____________________________________
يعصه» (١). ومن ثم لمّا قيل له صلىاللهعليهوسلم عند ما قام من الليل حتى تورمت قدماه أتفعل هذا وقد غفر الله ذنبك ما تقدّم وما تأخّر. قال : «أفلا أكون عبدا شكورا» (٢). وعن عليّ كرّم الله وجهه إن قوما عبدوا رغبة فتلك عبادة التجّار ، وإن قوما عبدوا رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوا شكرا فتلك عبادة الأحرار ، كذا نقله عنه صاحب ربيع الأبرار (٣) (والإيمان في ذلك) أي الإيقان بثبوت ذاته ، وتحقّق صفاته وهو معطوف على قوله والرجاء (ويتفاوتون) أي المؤمنون (فيما دون الإيمان) أي في غير التصديق والإقرار بحسب تفاوت الأبرار في القيام بالأركان واختلاف الفجّار في مراتب العصيان (وفي ذلك كله) أي يتفاوتون أيضا فيما ذكر من المقامات العليّة والحالات السّنيّة لاختلاف منازل الصوفية (٤) رحمهمالله تعالى.
قال الطحاوي رحمهالله تعالى : والإيمان واحد وأهله في أصله سواء والتفاضل [بينهم] (٥) بالخشية والتّقى ومخالفة الهوى ، وملازمة الأولى (٦) ، هذا وذهب شارح في هذا المقام إلى أن تقدير الكلام استواء أهل الإسلام في كونهم مكلّفين بهذه الأحكام ولا يخفى أن ما اخترناه أدقّ في نظام المرام.
ثم تحقيق هذه المقامات العليّة محل بسطها كتب السادة الصوفية وقد بيّنّا طرفا منها
__________________
ـ قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ١ / ٢٤ : كون العبادة لله عزوجل لا ينافي أن يطلب معها ثوابا ، ولا أن يدفع عذابا كما قال ذلك الأعرابي : أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ إنما أسأل الله الجنة ، وأعوذ به من النار فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «حولها ندندن». ا. ه.
(١) لم أجده.
(٢) هو بعض حديث أخرجه البخاري ١١٣٠ و ٦٤٧١ ، ومسلم ٢٨١٩ ح ٧٩ و ٨٠ ، والترمذي ٤١٢ ، والنسائي ٣ / ٢١٩ ، وابن ماجة ١٤١٩ ، وأحمد ٤ / ٢٥١ و ٢٥٥ ، والبيهقي ٣ / ١٦ ، وابن حبان ٣١١ ، وابن خزيمة ٨٨٣٣ ، والبغوي ٩٣١ ، وعبد الرزاق ٤٧٤٦ ، والحميدي ٧٥٩ كلهم من حديث المغيرة بن شعبة.
وفي الباب عن عائشة عند البخاري ٤٨٣٧ ، ومسلم ٢٨٨٠ ، وأحمد ٦ / ١١٥ ، والبيهقي ٧ / ٣٩ ، وأبي نعيم ٨ / ٢٨٩.
وعن أبي هريرة عند ابن خزيمة في صحيحه ١١٨٤ ، وأبي نعيم في الحلية ٧ / ٢٠٥.
(٣) هو ربيع الأبرار وقصص الأخيار للزمخشري المتوفى سنة ٥٣٨ ه.
(٤) لا علاقة بقول الإمام أبي حنيفة رحمهالله هنا بمنازل الصوفية التي يتحدّث عنها الشارح.
(٥) سقطت كلمة بينهم من الأصل وأثبتناها من شرح العقيدة الطحاوية.
(٦) شرح الطحاوية ٢ / ٤٥٩.