والعلم ...
____________________________________
قادرا أن يصح منه إيجاد العالم وتركه (والعلم) أي من الصفات الذاتية وهي صفة أزلية تنكشف المعلومات عند تعلقها بها ، فالله تعالى عالم بجميع الموجودات لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في العلويات والسفليات ، وإنه تعالى يعلم الجهر والسر وما يكون أخفى منه من المغيبات ، بل أحاط بكل شيء علما من الجزئيات والكليات والموجودات والمعدومات والممكنات والمستحيلات ، فهو بكل شيء عليم من الذوات والصفات بعلم قديم لم يزل موصوفا به على وجه الكمال لا يعلم حادث حاصل في ذاته بالقبول والانفعال والتغيّر والانتقال تعالى الله عن ذلك شأنه وتعظّم عما نهاك برهانه.
[قال الإمام عبد العزيز المكي (١) صاحب الإمام الشافعي (٢) وجليسه في كتابه (٣) الذي حكى فيه مناظرته لبشر (٤) المريسي عند المأمون حين سأله عن علمه تعالى فقال بشر : أقول لا يجهل ، فجعل يكرر السؤال عن صفة العلم تقريرا له [وبشر يقول : ولا يجهل ولا يعترف له أنه عالم بعلم] (٥) فقال الإمام عبد العزيز : نفي الجهل لا يكون صفة مدح فإن [قولي] (٦) هذه الأسطوانة لا تجهل [ليس هو إثبات العلم لها] (٧) ، وقد مدح الله تعالى الأنبياء والملائكة والمؤمنين بالعلم لا بنفي الجهل. فمن أثبت العلم نفى الجهل ، ومن نفى الجهل لم يثبت العلم ، وعلى الخلق أن يثبتوا ما أثبته الله تعالى لنفسه وينفوا ما نفاه ، ويمسكوا عما أمسك عنه] (٨) ، وقد قال الله تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
__________________
(١) هو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الكناني المكي من أصحاب الإمام الشافعي المقتبسين منه ، والمعترفين بفضله ، كان يلقّب بالغول لدمامته ، وقد قدم بغداد أيام المأمون وجرت بينه وبين بشر المريسي مناظرة في القرآن ، أشهر كتبه «الحيدة». توفي سنة ٢٤٠ ه.
انظر ما قاله الإمام الذهبي وتلميذه السبكي عن كتاب الحيدة ـ وهو في الردّ على المعتزلة في مسألة خلق القرآن ، في «ميزان الاعتدال» ٢ / ٦٣٩ وطبقات الشافعية ٢ / ١٤٥.
(٢) زاد في شرح الطحاوية ١ / ١٢٥ : [رحمهالله].
(٣) في شرح الطحاوية : [في كتاب الحيدة].
(٤) في شرح الطحاوية : [بشرا].
(٥) سقط في الأصل وما بين حاصرتين من كتاب الحيدة ومن شرح الطحاوية.
(٦) سقطت كلمة قولي من الأصل فاستدركناها من الحيدة وشرح الطحاوية ووضعناها بين حاصرتين [].
(٧) سقط ما بين حاصرتين من الأصل فاستدركناه من الحيدة وشرح الطحاوية.
(٨) انظر كتاب الحيدة ص ٥٥ و ٥٦ بتحقيق جميل صليبا وشرح الطحاوية لابن أبي العز ١ / ١٢٥.