لم يزل ولا يزال بأسمائه ...
____________________________________
الإنسي «كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف» (١). يعني وليترتب على المعرفة ما أراد لهم من المثوبة والقربة لا لأنه مفتقر ومحتاج إليهم في مقام اليقين ، فإن الله غنيّ عن العالمين ...
والتحقيق أن التكوين صفة أزلية لله تعالى لإطباق العقل والنقل على أنه خالق العالم ومكوّن له وامتناع إطلاق اسم المشتق على الشيء من غير أن يكون مأخذ الاشتقاق وصفا له قائما به ، فالتكوين ثابت له أزلا وأبدا ، والمكوّن حادث بحدوث التعلق كما في العلم والقدرة وغيرهما من الصفات القديمة التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها لكون تعلقاتها حادثة ، ثم الإمام الأعظم رحمه الله أتى ببعض الصفات الذاتية والفعلية دون غيرها من النعوت العليّة ، لأن معرفة هذه الصفات الشهيرة الجليّة تكفي المؤمن في معرفة وجود الله وصفاته البهيّة هذا ، وقد قال فخر الإسلام على البزدوي رحمهالله في أصول الفقه : وأما الإيمان والإسلام فإن تفسيرهما التصديق والإقرار بالله سبحانه وتعالى كما هو بصفاته وأسمائه وقبول أحكامه وشرائعه وهو نوعان : ظاهر ينشئه من المسلمين ، وثبوت حكم إسلامه تبعا لغيره من خير الأبوين ، وثابت بالبيان وأن يصف الله تعالى كما هو إلا أن هذا كما يتعذّر شرطه لأن معرفة الخلق بأوصاف الحق متفاوتة في مقام التفسير وحال التعبير ، وإنما شرط الكمال بما لا حرج فيه ولا محال ، وهو أن يثبت التصديق والإقرار بما قلنا إجمالا ، وإن عجز عن بيانه وتفسيره إكمالا.
ولهذا قلنا : إن الواجب أن يستوصف المؤمن فيقال : أهو كذا أي الله سبحانه وتعالى يوصف بكذا ونعت كذا من الصفات الثبوتية والسلبية والنعوت الذاتية والفعلية ، فإن قال : نعم فقد ظهر كمال إسلامه وتبين غاية مرامه. وأما من استوصف فجهل فليس بمؤمن ، ولذا قال محمد رحمهالله في الجامع الكبير في صغيرة بين أبوين مسلمين : إذا لم تصف الإسلام حتى أدركت فلم تصف أنها تبين من زوجها (لم يزل ولا يزال بأسمائه
__________________
(١) ذكره السخاوي في المقاصد ص ٣٢٧ وقال : قال ابن تيمية ليس من كلام النبي صلىاللهعليهوسلم ولا يعرف له سند صحيح ، ولا ضعيف وتبعه الزركشي وشيخنا ـ يعني الحافظ ابن حجر ـ.
قلت وهو في موضوعات ابن تيمية رقم ٦ ص ٣٢.
وذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة ١ / ١٤٨ وقال : قال ابن تيمية : موضوع. وذكره الهروي في المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ص ١١٠ وقال : نص الحفّاظ كابن تيمية والزركشي والسخاوي على أنه لا أصل له. وقال الحوت في أسنى المطالب ص ١٧٠ وهذا يذكره المتصوّفة في الأحاديث القدسية تساهلا منهم.