____________________________________
الصدّيق رضي الله عنه بإيمان جميع المؤمنين لرجح إيمانه» (١). يعني لرجحان إبقائه ووقار جنانه وثبات إتقانه وتحقيق عرفانه لا من جهة ثمرات الإيمان من زيادات الإحسان لتفاوت أفراد الإنسان من أهل الإيمان في كثرة الطاعات ، وقلة العصيان ، وعكسه في مرتبة النقصان مع بقاء أصل وصف الإيمان في حق كلّ منهما بنعت الإيقان ، فالخلاف لفظي بين أرباب العرفان.
ومن هنا قال الإمام محمد رحمهالله على ما ذكره في الخلاصة عنه : أكره أن يقول إيماني كإيمان جبرائيل عليهالسلام ، ولكن : يقول آمنت بما آمن به جبرائيل عليهالسلام. انتهى.
وذلك أن الأول يوهم أن إيمانه كإيمان جبرائيل عليهالسلام من جميع الوجوه ، وليس الأمر كذلك لما هو الفرق البيّن بينهما هنا لك.
قال الإمام الأعظم رحمهالله في كتابه الوصية : ثم الإيمان لا يزيد ولا ينقص لأنه لا يتصوّر زيادة الإيمان إلا بنقصان الكفر ولا يتصوّر نقصان الإيمان إلا بزيادة الكفر ، فكيف يجوز أن يكون الشخص الواحد في حالة واحدة مؤمنا وكافرا والمؤمن مؤمن حقّا ،
__________________
(١) أخرجه الديلمي في الفردوس ٥١٤٨ ، وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة ص ٣٤٩. وقال : رواه إسحاق بن راهويه والبيهقي في «شعب الإيمان» بسند صحيح عن عمر من قوله وراويه عن عمر هزيل بن شراحيل ، وهو عند ابن المبارك في «الزهد» ومعاذ بن المثنى في «زيادات مسند مسدّد».
وكذا أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله من «كامله». وفي مسند الفردوس معا من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ «لو وضع إيمان أبي بكر على إيمان هذه الأمة لرجح بها». وفي سنده عيسى بن عبد الله بن سليمان وهو ضعيف ، لكنه لم ينفرد به ، فقد أخرجه ابن عدي أيضا من طريق غيره بلفظ : «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجحهم». وله شاهد في السّنن أيضا عن أبي بكرة مرفوعا : «إن رجلا قال : يا رسول الله رأيت كأن ميزانا أنزل من السماء ، فوزنت أنت وأبو بكر ، فرجحت أنت ثم وزن أبو بكر بمن بقي فرجح ...» الحديث.
قلت : أخرجه أبو داود ٤٦٣٤ ، والترمذي ٢٢٨٨. وقال : هذا حديث حسن وفيه عنعنة الحسن البصري.
قلت : وذكره الحافظ الذهبي في الميزان ٢ / ٤٥٥ في ترجمة عبد الله بن عبد العزيز بن أبي روّاد عن أبيه : قال أبو حاتم وغيره أحاديثه منكرة. وقال ابن الجنيد : لا يساوي فلسا. وقال ابن عدي : روى أحاديث عن أبيه لا يتابع عليها وذكر الحديث ... وذكره أيضا ابن تيمية في الموضوعات رقم ٢٠ ، وقال : هذا قد جاء معناه في حديث معروف في السّنن أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وزن بهذه الأمة فرجح.