والرياء إذا وقع في عمل من الأعمال فإنه يبطل أجره ...
____________________________________
فصل
(والرياء) وفي معناه السمعة ، وقد توسّع في إطلاق أحدهما وإرادة كلّ منهما لمآل أمرهما إلى عدم الإخلاص حيث المرائي يظهر العمل ليراه الناس ويستحسنوه في مقام الإيناس والمسمع بفعل الفعل ليسمعه الخلق ، وليس في غرضه رضى الحق (إذا وقع في عمل من الأعمال) أي في ابتدائه أو أثنائه قبل الإكمال (فإنه يبطل أجره) أي أجر ذلك العمل ، بل يثبت وزره حيث ظلم نفسه بوضع الشيء في غير موضعه قال الله تعالى : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١). أي لا شركا جليّا ولا خفيّا ، وفيه إيماء إلى أنه إذا قصد الرياء والسمعة وقصد الطاعة والعبادة جميعا يوصف بالشركة مطلقا لغلبة أحدهما على الآخر أو التسوية بينهما ، فإنه يبطل أجره ويثبت وزره لعموم حديث : «من كان أشرك أحدا في عمل عمله لله فليطلب ثوابه مما سواه فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك» (٢) ، وكذا حديث «لا يقبل الله عملا فيه مقدار ذرّة
__________________
(١) الكهف : ١١٠.
(٢) أخرجه الترمذي ٣١٥٤ ، وابن ماجة ٤٢٠٣ ، وأحمد ٣ / ٤٦٦ و ٤ / ٢١٥ ، وصحّحه ابن حبان ٤٠٤ ، والطبراني في الكبير ٢٢ / ٧٧٨ ، والدولابي في الكنى ١ / ٣٥ كلهم من حديث أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري.
قال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن بكر البرساني. وقال علي بن المديني فيما نقله الحافظ في الإصابة ٤ / ٨٦ : سنده صالح.
قال الحافظ في الإصابة : ٤ / ٨٦ : أبو سعد بن فضالة الأنصاري ، ويقال : ابن أبي فضالة ، ويقال : أبو سعيد بن فضالة بن أبي فضالة ذكره ابن سعد في طبقة أهل الخندق ، وقال ابن السكن لا يعرف. وأخرج الترمذي ، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم من طريق عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن زياد بن ميناء عن أبي سعد بن فضالة وكان من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...
قال علي بن المديني : سنده صالح. وقع عند الأكثر بسكون العين وبه جزم أبو أحمد الحاكم ، وقال : له صحبة لا أحفظ له اسما ولا نسبا وفي ابن ماجة بالوجهين ، وفي الترمذي زيادة الياء ، وقال الإمام الذهبي في «التجريد» أبو سعد بن فضالة له حديث متّصل في الكنى لأبي أحمد ، ثم قال : أبو سعيد بن فضالة ، ويقال أبو سعد ، أخرج له الترمذي في الرياء ، وجعله اثنين مع أن الحديث الذي أخرجه الحاكم أبو أحمد هو الذي أخرجه الترمذي بعينه ، ورأيته في الترمذي كما في «الكنى» للحاكم : أبو سعد بسكون العين ، وكذا ذكره البغوي في «الكنى» فقال : أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري سكن المدينة ، ثم ساق حديثه بسنده إلى زياد بن ميناء عن أبي سعيد بن أبي ـ