____________________________________
تفكّرنا وجهدنا جهدنا في ذلك بالاتفاق؟ أجيب : بأن الله سبحانه وتعالى أنسانا ذلك ابتلاء لأن الدنيا دار ابتلاء وعلينا الإيمان بالغيب ابتداء ولو تذكرنا ذلك لزال الابتلاء وما احتجنا إلى تذكير الأنبياء عليهم الصلاة واللام وليس كل ما ينسى بالمرة تزول به الحجة وتثبت به المعذرة. قال الله تعالى في حق أعمالنا : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) (١). وأخبر أنه سيثيبنا ويجازينا.
والثاني قول أرباب النظر وأصحاب المعقول وهو : أنه تعالى أخرج الذرية وهم الأولاد من أصلاب آبائهم وذلك الإخراج أنهم كانوا نطفة فأخرجها الله تعالى إلى أرحام الأمهات وجعلها علقة ، ثم مضغة حتى جعلهم بشرا سويّا وخلقا كاملا أشهدهم على أنفسهم بما ركب فيهم من دلائل الوحدانية فبالإشهاد بالدلالة صاروا كأنهم قالوا بلى قيل : وهذا القول لا ينافي الأول إذ الجمع بينهما ممكن فتأمل ، وأما المعتزلة فقد أطبقوا على أنه لا يجوز تفسير الآية بالوجه الأول ومالوا إلى الوجه الثاني ، وجعلوه من باب التمثيل ، وهذا منهم بناء على أن كل ما لا يدركه العقل لا يجوز القول به لما عرف من أصلهم من تقديم العقل على الفعل ، ثم الآية تدل على أن الله تعالى خلق الأرواح مع الأجساد أو قبلها وهو الصحيح لخبر أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بخمسمائة ألف سنة وأن
__________________
ـ وقد روى هذا الحديث النسائي في سننه ، عن محمد بن عبد الرحيم صاعقة عن حسين بن محمد المروزي به ، ورواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم من حديث حسين بن محمد به ، إلا أن ابن أبي حاتم جعله موقوفا ، وأخرجه الحاكم في مستدركه ٢ / ٥٤٤ من حديث حسين بن محمد وغيره ، عن جرير بن حازم ، عن كلثوم بن جبير ، به ، وقال صحيح الإسناد ولم يخرّجاه ، وقد احتج مسلم بكلثوم بن جبير ، هكذا قال ، وقد رواه عبد الوارث ، عن كلثوم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، فوقفه ، وكذا رواه إسماعيل ابن علية ووكيع عن ربيعة ابن كلثوم بن جبير ، عن أبيه به ، وكذا رواه عطاء بن السائب ، وحبيب بن أبي ثابت ، وعلي بن بذيمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله ، وكذا رواه العوفي وعلي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس فهذا أكثر وأثبت ، والروايات الموقوفة التي ذكرها ابن كثير مخرّجة في تفسير الطبري انظر ١٥٣٣٩ و ١٥٣٤١ و ١٥٣٤٢ و ١٥٣٤٣ و ١٥٣٤٤ و ١٥٣٤٨ و ١٥٣٥٠ و ١٥٣٦٠ و ١٥٣٦١.
ونص الحديث من بدايته «إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليهالسلام بنعمان فأخرج من صلبه ...». ونعمان واد لهذيل على ليلتين من عرفات ، وقوله : «ثم كلّمهم قبلا» أي عيانا ومقابلة لا من وراء حجاب ، ومن غير أن يولي أمرهم أو كلامهم أحدا من الملائكة. النهاية ٤ / ٨ لابن الأثير.
(١) المجادلة : ٦.