الاطلاع على مثل هذه الكتب ، وحينما كان هناك أيضا طلاب يسيرون على منهج أساتذتهم ، لا يتعلمون إلا للعلم ، لا يبغون به جاها ، ولا مالا ولا سلطانا ، واستمر تدريس هذه الكتب في الأزهر ، إلى أن أنشئ قانون الأزهر الجديد عام ١٩١١ م المعروف بنظام الشيخ شاكر ، فغيرت هذه الكتب بكتب سهلة التحصيل لأي طالب. مثل كتاب (الجوهرة) و (الخريدة) و (أم البراهين) و (المسايرة) وغير ذلك.
ولما أنشئت الكليات الأزهرية ، رجع الأزهر إلى تدريس بعض هذه الكتب المعقدة ، ومنها كتاب المواقف والمقاصد ، خاصة في نظام التخصص القديم ، ثم وفي تخصص المادة ، حتى تخرج فيها علماء أجلاء يفخر بهم الأزهر ، بيد أنه لما كثرت الشواغل ، وتعلم الطلاب لأجل الوظيفة ، صعب عليهم فهم هذه الكتب ، فطلبوا من أساتذتهم وضع مذكرات ليسهل عليهم المرور بها في الامتحان ، حتى نسوا أسماء هذه الكتب ، وأصبح من النادر وجودها لمن يطلبها ، لذلك رأت لجنة إحياء التراث ، المنبثقة من مجمع البحوث الإسلامية ، تجديد طبع هذه الكتب ،. حفاظا على تراث هؤلاء الأعلام الذين ألفوها حتى كانت مفخرة لهم وللأجيال من بعدهم.
وفعلا أوصت اللجنة المذكورة بأن يكون كتاب المقاصد هو أول كتاب يطبع ، غير أنه شاء الله تعالى ، ونعمت مشيئته أن يسبق توصية هذه اللجنة الدكتور عبد الرحمن عميرة الأستاذ بكلية أصول الدين ـ أسيوط ـ بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه إلى حيز الوجود ، فقام مشكورا بهمة عالية ، باذلا من جهده ووقته وماله وسهره بالسير فيما قصد ، على الرغم من كثرة مشاغله ، وقد تفضل وعهد إليّ مراجعة هذا التحقيق ، فقبلت شاكرا له وفاءه ، وحسن ثقته بأستاذه ، وقد كنت قبل الاطلاع على هذا التحقيق أظن ، وبعض الظن غير حسن ، أن الدكتور عبد الرحمن عميرة ، أديب وشاعر أكثر منه متكلما ، لأن من عادة الأدباء والشعراء أن يعنوا بالخيال والحس والوجدان والشعور ، وأن يبحثوا عن المحسنات البديعية ، والمجازات والكنايات والتشبيه ليكون لنثرهم وشعرهم وقع