دون ما عداه كما يقال للأقوى من الكلامين هذا هو الكلام ، واعتبروا في أدلتها اليقين لأنه لا عبرة بالظن في الاعتقاديات (١) بل في العمليات فظهر : أنه العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسب من أدلتها اليقينية (٢) وهذا هو (٣) معنى العقائد الدينية أي المنسوبة إلى دين محمد صلىاللهعليهوسلم ، سواء توقف على الشرع أم لا ، وسواء كان من الدين في الواقع ككلام أهل الحق أم لا ، ككلام المخالفين (٤) ، وصار قولنا هو : العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية مناسبا لقولهم في الفقه إنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، وموافقا لما نقل عن بعض عظماء الملة : إن الفقه معرفة النفس ما لها وما عليها ، وأن ما يتعلق منها بالاعتقاديات هو الفقه الأكبر وخرج العلم بغير الشرعيات وبالشرعيات الفرعية ، وعلم الله تعالى ، وعلم الرسول صلىاللهعليهوسلم بالاعتقاديات ، وكذا اعتقاد المقلد فيمن يسميه علما ، ودخل علم علماء الصحابة بذلك ، فإنه كلام وإن لم يكن ، وسمي (٥) في ذلك الزمان بهذا الاسم ، كما أن عملهم بالعمليات فقه ، وإن لم يكن ثمة هذا التدوين والترتيب ، وذلك إذا كان متعلقا بجميع العقائد بقدر الطاقة البشرية ، مكتسبا من النظر في الأدلة اليقينية ، أو كان ملكة يتعلق بها (٦) ، بأن يكون عندهم من المآخذ والشرائط ما يكفيهم في استحضار العقائد على ما هو المراد بقولنا العلم بالعقائد عن الأدلة ، وإلى المعنى الأخير يشير قول (صاحب) (٧) المواقف أنه علم يقتدر معه
__________________
(١) في (ب) الاعتقادات.
(٢) يرى ابن خلدون : «أنه علم يتضمن الحجاج على العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية. والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذهب السلف وأهل السنة». (مقدمة ابن خلدون ص ٤٥٨). وقال الفارابي : «إن الكلام صناعة يقتدر بها الإنسان على نصرة الأفعال والآراء المحددة التي صرح بها واضع الملة وتزييف كل ما خالف من الأقاويل» (إحصاء العلوم ص ٧١ ـ ٧٢).
(٣) سقط من (ب) كلمة (هو).
(٤) في (ب) كلام المخالف.
(٥) في (ب) ويسمى بدل وسمى.
(٦) سقط من (ب) كلمة (بها).
(٧) هو : عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار أبو الفضل ، عضد الدين الإيجي ، عالم بالأصول والمعاني والعربية من أهل إيج (بفارس) ولي القضاء ، وأنجب تلاميذ عظاما وجرت له محنة مع صاحب كرمان ، فحبسه بالقلعة فمات مسجونا. من تصانيفه : المواقف في علم الكلام ، والعقائد العضدية وجواهر الكلام ، مختصر المواقف ، وشرح مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه. توفي سنة ٧٥٢ ه.
(طبقات السبكي ٦ : ١٠٨).