يشير إلى كيفية إفادة النظر للعلم فعندنا هي بخلق الله تعالى العلم عقيب تمام النظر ، بطريق إجراء العادة أي تكرر ذلك دائما من غير وجوب ، بل مع جواز أن لا يخلقه عن طريق خرق العادة وذلك لما سيجيء من استناد جميع الممكنات إلى قدرة الله تعالى واختياره ابتداء ، وأثر المختار لا يكون واجبا ثم القائلون بهذا المذهب فرقتان.
منهم من جعله بمحض القدرة القديمة من غير أن يتعلق به قدرة العبد وإنما قدرته على إحضار المقدمتين ، وملاحظة وجود النتيجة فيهما بالقوة ومنهم من جعله كسبيا مقدورا ، وعند المعتزلة بطريق التوليد (١) ومعناه أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر كحركة اليد لحركة المفتاح ، فالنظر على أي تفسير (٢) فسر فعل للناظر يوجب فعلا آخر هو العلم ، إذ معنى الفعل هاهنا الأثر الحاصل بالفاعل لا نفس التأثير ، ليرد الاعتراض بأن العلم ليس بفعل وكذا النظر على أكثر التفاسير ، ألا ترى أن الحركة أيضا ليست كذلك؟ وقد اتفقوا على أن حركة اليد وحركة المفتاح فعلان لفاعل واحد ، واحتج بعض أصحابنا بعد إبطال التوليد مطلقا على بطلانه هاهنا ، بأن تذكر النظر لا يولد العلم اتفاقا ، فكذا النظر ابتداء لاشتراكهما في النظرية ، واعترض بأن هذا لا يفيد اليقين ، لكونه عائدا إلى القياس الشرعي ، وإن ادعى (٣) بصورة قياس منطقي بأن يقال : لو كان النظر مولدا لكان تذكره مولدا لعدم الفرق ، واللازم باطل وفاقا ، ولا (٤) لا الزام ، لأنهم إنما قالوا بالحكم أعني عدم التوليد في الأصل ، أعني في التذكر (٥) لعلة لا توجد في الفرع ، أعني ابتداء النظر ، وهو كونه حاصلا
__________________
(١) التوليد : عند المعتزلة هو الفعل الصادر من الفاعل بوسط ويقابله المباشرة وهي الفعل الصادر من الفاعل بلا وسط. وطريقة التوليد عند سقراط : طريقة الحوار المبنية على اشعار النفس بما تنطوي عليه من المعرفة الفطرية. فقد كان كما يقول يشهد بحواره مخاض النفس عند ولادة الأفكار ، كما كانت أمه القابلة تشهد مخاض النساء عند ولادة الأطفال.
ومذهب التوليد في الفلسفة قسمان : توليد مباشر ، وتوليد غير مباشر.
(٢) في (ب) على أي تفسير.
(٣) في (ب) (وإن أوعى) بالواو وهو تحريف.
(٤) في (ب) ولا لا إلزام.
(٥) في (ب) أعني التذكر بإسقاط لفظ (في).