يفيد القطع بهذا الاشتراط ، لأن القياس المقرون بالشرائط ملزوم للنتيجة قطعا ، واللازم يمتنع انفكاكه عن الملزوم ، فلو لم يكن التفطن لكيفية الاندراج شرطا متفاوت الحصول بأن يحصل في البعض بمجرد الالتفات وفي البعض بوسط خفي أو أخفى ، لزوم استواء جميع الضروب المنتجة (١) في حصول النتيجة عند حصولها ضرورة امتناع انفكاك اللازم عن الملزوم المستجمع لشرائط اللزوم ، لأنا نقول : فرق بين لزوم الشيء والعلم بلزومه فالضروب والأشكال متساوية في لزوم النتائج إياها ، بمعنى حقيتها في نفس الأمر على تقدير حقيتها ، وإنما التفاوت في العلم بذلك ، وشروطه متفاوتة الحصول كالالتفات أو الاكتساب بخفي أو أخفى ، وإن لم يكن التفطن لكيفية الاندراج من جملتها.
(قال : احتج المخالف بوجوه الأول : العلم بكون ما يحصل عقيب النظر علما إن كان ضروريا لم يظهر خلافه وإن كان نظريا تسلسل ، قلنا : ظهور الخلاف بعد النظر الصحيح ممنوع ، وكذا توقف العلم بأنه علم على نظر آخر ، بل يحصل به نفسه كالعلم بأنه لا معارض. الثاني : إفادته العلم تنافي اشتراط عدم العلم قلنا : ممنوع ، فإن المراد أنه يستقعبه. الثالث : لو أفاده البتة لقبح التكلف بالعلم).
قلنا : التكليف بتحصيله وهو مقدور ـ والرابع : أقرب الأشياء إلى الإنسان هويته ، وقد كثر فيها الخلاف كثرة لا تنضبط ، فكيف فيما هو أبعد ..؟ قلنا : لا يدل على الامتناع بل على العسر ولا نزاع فيه. الخامس : شرط التصديق وهو
__________________
(١) الضروب المنتجة : الضرب المنطقي : أحد الأعمال الفكرية المطبقة في الحدود والقضايا والنسب المنطقية.
فحاصل الضرب المنطقي لحدين مثل (س) و (ع) هو مجموع الأول والمنسوبين إلى النوعين (س) و (ع) ويعبرهن هذا الضرب بالصيغة (س* ع) ، أو بالصيغة (س ـ ع).
وحاصل الضرب المنطقي لقضيتين هو القضية المساوية لهما. وحاصل الضرب المنطقي لنسبتين هو القضية المصرح فيها بأن هاتين النسبتين صادقتان معا على الحدين. والضرب : هو اختلاف القضايا في كل شكل من أشكال القياس بالكم والكيف مثل قولنا في الضرب الأول من الشكل الأول : كل جسم مؤلف ، وكل مؤلف حادث. فكل جسم حادث فهو قياس مؤلف من كليتين موجبتين تنتجان كلية موجبة والمنتج من ضروب القياس ١٩ ضربا منها أربعة ضروب من الشكل الأول ، وأربعة من الشكل الثاني. وستة ضروب من الشكل الثالث. وخمسة ضروب من الشكل الرابع.