والجواب : أن العلم بوجه دلالة الدليل على المدلول الذي هو مغاير لهما هو أمر اعتباري عقلي. ليس بموجود في الخارج كما سيجيء في تحقيق التضايف. هذا كلامه (١) وأنت خبير بأن الأمر الاعتباري الإضافي هو دلالة الدليل على المدلول ، لا وجه الدلالة الذي هو صفة في الدليل كالإمكان والحدوث في العالم ، ثم ظاهر عبارته أن المحكوم عليه يكون أمرا اعتباريا هو العلم بوجه الدلالة وفساده بين.
(قوله : ولا يشترط للنظر في معرفة الله وجود المعلم) (٢).
لما ثبت من إفادة النظر الصحيح العلم على الإطلاق (٣) ولأنه أيضا يحتاج إلى معلم آخر ويتسلسل إلا أن يخص الحكم بنظر غير المعلم أو ينتهي إلى الوحي ، ولأن العلم بصدقه إما بالنظر فتهافت ، أو بقوله فدور ، أو بآخر فتسلسل.
وقد يجاب : بأنه النظر المقرون بإرشاد من العلم. واحتجت الملاحدة (٤) بكثرة اختلاف الآراء في الإلهيات وتحقق الاحتياج إلى المعلم في أسهل العلوم والصناعات.
والجواب : انها لكثرة الأنظار الفاسدة (٥) وأن الاحتياج بمعنى تعذر الكسب بدونه غير مسلم ، وبمعنى تعسره غير متنازع ، إذ لا خفاء في أن الإرشاد إلى المقدمات وحل الأشكال نعم العون على تحصيل الكمالات.
خلافا للملاحدة. لنا وجوه :
الأول : أنه قد بينا (٦) إفادة النظر الصحيح المقرون بالشرائط العلم على
__________________
(١) سقط من (ب) ما بين القوسين.
(٢) أي ليس من شرط إفادة النظر في الإلهيات وجود معلم للناظر فيها خلافا للملاحدة.
(٣) غاية الأمر أن وجود النظر يتوقف على وجود المقدمات الضرورية أو المنتهية إلى الضرورية.
(٤) على مدعاهم وهو احتياج النظر في الإلهيات إلى معلم.
(٥) والجواب أن كثرة الآراء الفاسدة لم تقع لتعذر الإدراك إلا بمعلم يكون تابعه هو المصيب وإنما وقعت لكثرة الأنظار الفاسدة ولو صادقت الأنظار الصواب لقلت بل لما تعددت أصلا.
(٦) في (ب) ثلث بدلا من بينا.