الرابع : الواجب إن كان نفس الكون في الأعيان ـ أعني الوجود المطلق لزم تعدد الواجب ، ضرورة أن وجود زيد غير وجود عمرو ، وإن كان هو الكون مع القيد التجرد لزم تركب الواجب من الوجود ، والتجرد مع أنه عدمي لا يصلح جزءا للواجب ، أو بشرط التجرد لزم أن يكون الواجب واجبا لذاته ، بل بشرطه الذي هو التجرد ، وإن كان غير الكون في الأعيان فإن كان بدون الكون في الأعيان فمحال ضرورة أنه لا يعقل الوجود بدون الكون ، وإن كان مع الكون فإما أن يكون الكون داخلا فيه وهو محال ، ضرورة امتناع تركب الواجب ، أو خارجا عنه وهو المطلوب ، لأن معناه زيادة الوجود على ما هو حقيقة الواجب. (١)
والجواب : أنه نفس الكون الخاص المجرد المخالف الأكوان ، ولا نزاع في زيادة الكون المطلق عليه.
الخامس : الوجود معلوم بالضرورة ، وحقيقة الواجب غير معلومة اتفاقا وغير المعلوم (هو) غير المعلوم ضرورة والجواب : أن المعلوم هو الوجود المطلق للمغاير للخاص الذي هو نفس الحقيقة ، وإلى هذه الأجوبة أشار بقوله : لا نزاع في زيادة الوجود المطلق أي على ماهية الواجب ، وإنما النزاع في زيادة وجوده الخاص ، وما ذكر من الوجوه لا يدل عليها.
(قال : فإن قيل : الوجود طبيعة نوعية فلا تختلف لوازمها. قلت : ممنوع بل الوجودات متحالفة بالحقيقة يجب للبعض منها ما يمتنع على البعض كالأنوار ويقع المطلق عليها وقوع لازم غير ذاتي لها) (٢).
__________________
(١) يرى صاحب المواقف أن قضية النزاع في أن الوجود زائد أو ليس بزائد راجع إلى النزاع في الوجود الذهني فمن لم يثبته كالشيخ قال : إن الوجود الخارجي عين الماهية مطلقا ومن أثبته قال :
الوجود الخارجي زائد على الماهية في الذهن فمن ادعى من المتأخرين في أن الوجود زائد مع أنه كاف للوجود الذهني لم يكن على بصيرة في دعواه هذه.
(المواقف ج ١ ص ١٥٥ ـ ١٥٦).
(٢) سقط من (أ) لفظ (لها).