فقالوا : ويحك يا فلان ، فما آية ذلك ..؟
قال : نبي مبعوث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة واليمن.
فقالوا : ومتى نراه ..؟
قال : فنظر إليّ وأنا أحدثهم سنا فقال : إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه (١).
فهذه صورة من الجدل والحوار الذي كان يجري بين هؤلاء الأعراب الذين لا يصدقون بوحي ولا يؤمنون برسول ، ويشككون في الحياة الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب ، ويقولون : «إن هي إلّا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر».
وبين أصحاب كتاب ورسول يدينون بعقيدة البعث ويبشر كتابهم الذي بين أيديهم بنبي جديد.
وكان للقسيسين والرهبان دور في الحوار والجدل وهم يبشرون بدينهم ويطالبون الآخرين في اتباعهم والاستماع إليهم.
من ذلك ما جاء في كلام المستشرق (دوزي) :
«إن الأساقفة أرادوا أن ينصّروا المنذر الثالث ملك الحيرة حوالي عام ٥١٣ من الميلاد. وأن المنذر ليصغي إليهم إذ دخل عليه قائد من قواده فأسر إليه بضع كلمات.
ولم يكد ينتهي منها حتى بدت على أسارير الملك أمارات الحزن العميق فتقدم إليه قسيس من القسيسين يسأله عما أشجاه.
فأجابه الملك : يا له من خبر سيئ ، لقد علمت أن رئيس الملائكة قد مات ، فوا حسرتاه عليه.
__________________
(١) راجع سيرة ابن هشام ج ١ تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.