بالأسطورة ، والخيال بمقاييس العقل ، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل توقف الجدل في تاريخ الانسانية ، وهل امتنعت البشرية عن المعارك الكلامية ،
__________________
ـ يقول كما شاء ، فأقول له : أخبرني عن الله عزوجل يتوفاك إذا شئت أو إذا شاء ، فإنه كان يقول : إذا شاء ، فأقول له : أخبرني عن الله عزوجل إذا توفاك تصير حيث شئت أو حيث شاء ، فإنه كان يقول حيث شاء يا أمير المؤمنين : فمن لم يمكنه أن يحسن خلقه ، ولا يزيد في رزقه ولا يؤخر أجله ولا يصير لنفسه حيث شاء فأي شيء في يده من المشيئة يا أمير المؤمنين؟
قال : صدقت يا أبا عمرو.
قال الأوزاعي : يا أمير المؤمنين : إن القدرية ما رضوا بقول الله تعالى ، ولا بقول الأنبياء عليهمالسلام ، ولا بقول أهل الجنة ، ولا بقول أهل النار ، ولا بقول الملائكة ، ولا بقول أخيهم إبليس.
فأما قول الله تعالى : فهو : (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
وأما قول الملائكة فهو : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا).
وأما قول الأنبياء فقال شعيب عليهالسلام : (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
وقال إبراهيم عليهالسلام :
(وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ).
وأما قول أهل الجنة فإنهم قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ).
وأما قول أهل النار فهو (لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ).
وأما قول إبليس : فهو : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي).
ب ـ جدل المعتزلة :
جاء في كتاب الانتصار : أن المنانية تزعم أن الصدق والكذب متضادان ، وأن الصدق خير ، وهو من النور ، والكذب شر وهو من الظلمة.
قال لهم إبراهيم النظام : حدثونا عن إنسان قال قولا كذب فيه ، من الكاذب ...؟
قالوا : الظلمة.
قال : فإن ندم بعد ذلك على ما فعل من الكذب ، وقال قد كذبت وأسأت ، من القائل قد كذبت ..؟
فاختلطوا عن ذلك ولم يدروا ما يقولون.
فقال إبراهيم النظام :
«إن زعمتم أن النور هو القائل قد كذبت وأسأت فقد كذب لأنه لم يكن الكذب منه ، ولا قاله. والكذب شر ، فقد كان من النور شر ، وهذا هدم قولكم.
وإن قلتم : إن الظلمة قالت : قد كذبت وأسأت فقد صدقت والصدق خير. فقد كان من الظلمة صدق وكذب ، وهما عنده مختلفان خيرا وشرا على حكمكم».
لقد أخذ الطرق على المناقش حتى أفحمه ولم يدر كيف يجيب وهكذا كان يدور الجدل ، وتكون الغلبة لأكثر القوم وأقربهم حجة. وأقدرهم مصاولة وجدلا.