يفعل الأشياء على الوجه الأكمل ويتصرف في الامور تصرفا حسنا ويدبّرها تدبيرا متقنا وإن فعل الشر مذموم وفاعله يستحق الذم.
والمسلمون أجمع متفقون على أن الله تعالى حكيم ومدبّر وحمده واجب على العباد وأنه نهى عن فعل القبيح ووعد مرتكب القبائح بعذاب أليم ولهم أدلة اخرى ستأتي في سياق الرد على من جوّز على الله تعالى فعل القبيح.
وقالت الأشاعرة وأصحاب الجبر : ان مصدر الخير والشر وخالقهما واحد وهو الله تعالى لأنه خلق كل شيء وقدّر كل شيء وأوجد كل شيء ومنها الشر والقبيح وأن استثناء فعل القبيح عنه ينافي كونه خالقا لكل شيء واستدلوا على رأيهم هذا بأن القدرة لم تسبق الفعل والفعل لم يكن متأخرا عن القدرة لأنه حال فيها ، والله لو لم يفعل الشر كانت قدرته ناقصة وثبت عجزه في خلق بعض الأشياء كالشر والفساد ، فالخير والشر والكفر والايمان والهدى والضلال والحسنات والسيئات كلها من فعل الله تعالى.
فردّ الشيعة الإمامية الاثنى عشرية على دعوى الاشاعرة والمجبرة بأدلة نذكر ما يكفي المطلوب من تلك الأدلة.
أولا : قال الشيعة إن قدرة الله تعالى على فعل كل شيء واستطاعته على إيجاد كل شيء ، لا ينافي امتناعه من فعل بعض الأشياء لامور منها أنه لم يكن مجبرا على خلق الأشياء لأن الإجبار يسلب عنه تعالى الاختيار كما شرحناه ، ومنها أنه لم يكن قد خلق الأشياء عن طريق العلة والمعلول والسبب والمسبب كالنار والاحتراق بحيث إذا وجدت النار وجد الاحتراق ، فقدرة الله تعالى التي هي عين ذاته لا تجبره على فعل الشيء.
ثانيا : ان كل فعل يصدر من فاعل عاقل لا بدّ وأن يسبق الفعل وجود الإرادة في إيجاده ، فإذا كان فعل الكفر من الله لزم أن تكون له إرادة في فعله ، فإرادة الله تعالى الكفر لعباده ينافي قوله تعالى ولا يرضى لعباده الكفر.