أبو محمد الأشيريّ (١) ، المغربيّ ، الفقيه ، الحافظ.
رحل في كبره إلى العراق ، وإلى الشّام ، وحدّث عن : أبي الحسن عليّ بن عبد الله بن موهب الجذاميّ ، والقاضي عياض.
سمع منه : عمر بن عليّ القرشيّ ، ومحمد بن المبارك بن مشّق ، وأحمد بن أحمد ، وأبو الفتوح نصر بن الحصريّ ، وأبو محمد الأستاذ الحلبيّ ، وآخرون.
وكان عالما بالحديث ، والإسناد ، واللّغة ، والنّسب ، والنّحو ، مجموع الفضائل.
حضر أجله باللّبوة (٢) بين حمص وبعلبكّ قادما من حلب ، ودفن بظاهر بعلبكّ. وزار قبره السّلطان نور الدّين ، وبرّ عياله ، وأجرى عليهم رزقا (٣).
وقال جمال الدّين عليّ القفطيّ في «أخبار النّحاة» (٤) : إنّ الأشيريّ كان يخدم في بعض الأمور بدولة عبد المؤمن ، ولمّا حصل مع القوم بالأندلس جرى له أمر ، فخشي عاقبته ، فانهزم بأهله وكتبه ، وقصد الشّام ، فخرج من البحر إلى اللّاذقيّة ، وبها الفرنج ، فسلّمه الله تعالى حتّى قدم حلب ، فنزل على العلاء الغزنويّ مدرّس الهلاويّة ، وأقام عنده مدّة ، وروى لهم عن : أبي بكر ابن العربيّ ، والقاضي عياض. وأقام إلى سنة تسع وخمسين. واتّفق أنّ الوزير يحيى بن هبيرة صنّف كتاب «الإفصاح» وجمع له علماء المذاهب ، فطلب
__________________
(١) الأشيري : بكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، وراء. نسبة إلى أشير : مدينة في جبال البربر بالمغرب في طرف إفريقية الغربي مقابل بجاية في البرّ. (معجم البلدان ١ / ٢٠٢).
وقال المؤلّف الذهبي ـ رحمهالله ـ في (المشتبه ١ / ٢٨) : نسبة إلى أشيرة من عمل سرقسطة. وتابعه ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه ١ / ٢٣٦) بوجود الهاء في آخرها.
أما ابن تغري بردي فأبعد كثيرا حين قال : أشير بين حمص وبعلبكّ! (النجوم الزاهرة ٥ / ٣٧٢).
(٢) اللّبوة : قرية في الشمال من بعلبكّ قريبة منها.
(٣) تاريخ دمشق ٣٨ / ١٣٨.
(٤) إنباه الرواة ٢ / ١٤٨.