المستحيل في حقه سبحانه. وإذا لم يثبت له إطلاق وشك في سعة المجعول وضيقه ، فليس ثبوت ذاك الحكم لغير الموجودين في ذلك العصر متيقنا ليشك فيه ويستصحب ، بل إسراؤه إليهم يكون قياسا وإسراء للحكم عن موضوع إلى موضوع آخر. ومجرد كون الخطاب على نحو القضايا الحقيقية لا يستلزم ذلك بعد إمكان تقييد موضوعه بقيد أو زمان خاص ، وتقييده بأشخاص خاصة. ونظيره في الافراد العرضية ما إذا حرم الخمر المزيل للعقل ، وشككنا في المتخذ من التمر انه مزيل للعقل وحرام أم ليس كذلك ، فلا يمكن التمسك بعموم الدليل لإثبات حرمته ، للشك في سعته.
فاستصحاب عدم النسخ في نفسه لا أساس له ، ولو بنينا على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية. وما ادعاه الأسترآبادي من الضرورة على جريانه فاسد إذا أراد به الاستصحاب المصطلح ، اللهم إلّا أن يكون المراد ما هو نتيجة استصحاب عدم النسخ من البناء على بقاء الحكم السابق ، ولو لم يكن لحديث لا تنقض اليقين بالشك ، بل كان من جهة الإطلاق ، أو الدليل الخارجي.
وبالجملة الشك في النسخ مرجعه إلى الشك في سعة الجعل وحدوثه ، والأصل عدمه ، فلا مجال لأصالة عدم النسخ إلّا الاستصحاب التعليقي ، بأن يقال : لو كنا موجودين في ذاك الزمان لكان الحكم مجعولا لنا يقينا ، فنستصحبه.
هذا كله في الإشكال المشترك بين أحكام هذه الشريعة والشرائع السابقة.
وأما المختص بالشرائع السابقة ، فقد ذكر الميرزا (١) ما حاصله : ان نسخ الشريعة ان كان بارتفاع جميع أحكامها بنحو العام الاستغراقي ، وجعل أحكام جديدة في الشريعة اللاحقة ، اما مماثلة لتلك الأحكام ، واما مضادة لها ، فلا مجال
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤١٥.