وهو إطلاق إحدى الروايتين وعموم الأخرى.
المقام الثاني : وهو البحث عن المانع. ربما يقال : ان المانع عن التمسك بإطلاق أدلة الفراغ اعتبار الدخول في الغير في صحيحة زرارة وموثقة إسماعيل بن جابر ، حيث اعتبر فيهما الدخول في الغير بقوله عليهالسلام «إذا شككت في شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء» وقوله عليهالسلام في الأخرى «كلما شككت في شيء مما جاوزته ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء» فانه يوجب تقييد إطلاق ما دل على عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ.
وفيه : أولا : ان الروايتين واردتان في قاعدة التجاوز ، واعتبار الدخول في الغير فيها لا يوجب اعتباره في قاعدة الفراغ ، بعد ما فرضناهما قاعدتين.
وبعبارة أخرى : ما تعلق به الشك في مورد قاعدة التجاوز انما هو الجزء أو الشرط لا بما هي ، بل بوجود الطبيعي الّذي هو المأمور به ، والتجاوز عنه لا بدّ وأن يكون بعناية التجاوز عن محله ، وهو لا يتحقق إلّا بالدخول في الغير. وهذا بخلاف الشك في الصحة ، الّذي هو مورد قاعدة الفراغ ، فاعتبار الدخول في الغير في دليل تلك القاعدة غير مستلزم لتقييد إطلاق دليل هذه القاعدة.
وبعبارة ثالثة : ان التعبد في مورد قاعدة الفراغ وهو الشك في الصحة بملاك مغاير لملاك التعبد بإلغاء الشك في مورد قاعدة التجاوز ، وهو الشك في الوجود ، فاعتبار أمر في إحداهما لا يستلزم اعتباره في الأخرى.
وثانيا : ان هذا القيد أعني الدخول في الغير توضيحي وليس باحترازي ، لأن الدخول في الغير كما عرفت عند الشك في وجود الجزء محقق للتجاوز ، ولذا ذكرنا انه لا بد من القول باعتباره ولو لم يدل عليه دليل خاص ، فإذا لا يمكن ان يكون مقيدا لإطلاق دليل الشك في الصحة ، الّذي يتحقق فيه المضي حقيقة قبل الدخول في الغير.