وربما لا يقنع بهذا ، ويقال : باعتبار إحراز قابلية الفاعل والمورد للمعاملة شرعا أيضا ، وإلّا فلا مجال لأصالة الصحة فيما إذا شك في أهلية الفاعل أو المورد للمعاملة شرعا. وذهب إلى هذا المحقق الثاني والعلّامة. وهو الصحيح ، لعدم ثبوت سيرة العقلاء والمتدينين على أصالة الصحة في غير الفرض الأخير.
وبما ذكرناه ظهر الفرق بين ما إذا شك في بلوغ العاقد بناء على اعتباره ، وما إذا كان الشك في الصحة من جهة احتمال عدم بلوغ البائع الحقيقي الّذي يستند إليه البيع حقيقة ، أعني المالك ومن بحكمه. فان أصالة الصحة تجري في الأول ، لتمامية أركان البيع ، وإحراز أهلية البائع ، وكون الشك في ما اعتبره الشارع في منشئ الصيغة وهو العاقد. ولا تجري في الثاني ، لكون الشك في أهلية البائع للبيع. ويشهد لما اخترناه أنه في مورد المرافعة يكون مدعي الوكالة على الطلاق أو للبيع مثلا ، وجامعه مدعي الصحة ، هو المدعي ، وعليه الإثبات ، والزوج أو المالك المدعي للفساد هو المنكر ، لموافقة قوله للأصل. ولو كانت أصالة الصحة جارية انعكس الأمر ، لموافقة قول مدعي الصحة لأصالة الصحة ، وهذا واضح.
ثم انّ ما ذكره الشيخ من الحمل على الصحة في الموارد المذكورة انما هو من جهة اليد لما في يد غيره أو في يد نفسه ، فان اليد أمارة الملك مطلقا ، فهو خارج عن محل الكلام ، لأن مورد البحث انما هو الاعتماد على مجرد أصالة الصحة ، وموارد الاطمئنان أو ثبوت أمارة على الملك خارجة عنه.
ثم ان شيخنا الأنصاري ذكر ما حاصله : انه على فرض التنزل عما اختاره من جريان أصالة الصحة ، ولو كان الشك من جهة قابلية الفاعل أو المورد ، والبناء على لزوم إحراز ذلك في جريانها ، انما لا تجري أصالة الصحة في الإيقاعات وفي العقود إذا شك في قابلية كلا الطرفين. وأما إذا أحرز القابلية في أحد الطرفين دون الآخر ، فتجري أصالة الصحة في فعله ، ويترتب عليه آثار العقد الصحيح التام من