وأغرب من ذلك ما ذكره بعض من ان عدم تعرضه لها انما هو لكون جميع الروايات التي نقلها في الكافي صحاح ، فان المراد بصحة جميع ما فيه انما هو كونه حجة أي موثقة ، كما صرح بذلك في الديباجة ، لا انها صحاح بالمعنى المصطلح ، فلا ينافي ذلك تفاوتها من حيث الرّواة ، فيمكن أن يكون رواة بعضها موثقين غير إماميين ، فلا تكون تلك الروايات من الصحيح المصطلح ، بل الصحيح بهذا المعنى اصطلاح من العلّامة ومن تبعه ، ولم يكن يراد بصحة الرواية قبل ذلك إلّا الوثوق.
فتحصل : ان الصفات أيضا لا تكون من مرجحات أحد الخبرين المتعارضين على الآخر. كما ان الشهرة أيضا ليست منها.
ثم المقبولة جعل فيها المرجح بعد الشهرة موافقة الكتاب ومخالفة العامة منضما معا ، فيستفاد منه ان الخبرين المتعارضين إذا كان أحدهما مشتملا على المزيتين ، ولم يكن الآخر مشتملا لهما ، قدم عليه.
ثم فرض الراوي ان كلا الخبرين موافق للكتاب ، فأمر عليهالسلام بالأخذ بما خالف العامة ، فاستفيد منه بالدلالة المطابقية كون مخالفة العامة وحدها من المرجحات ، كما استفيد منه بالالتزام ان موافقة الكتاب وحدها أيضا من المرجحات ، وذلك لأنه لو كانت مخالفة الكتاب وحدها مرجحا ، ولم تكن موافقة الكتاب كذلك ، فلما ضمها إليها أولا ، فهو لغو واضح ، فيستفاد من المقبولة حكم ثلاث صور. ما إذا كان أحد الخبرين فيه كلا المزيتين دون الآخر ، وما إذا كان أحدهما واجدا لإحدى المزيتين ، وكان الآخر فاقدا لها.
وبقي حكم فرض آخر ، لم يعرف من المقبولة ، وهو ما إذا كان أحدهما واجدا لمزية ، والآخر واجدا للأخرى ، كما إذا فرضنا ان أحدهما موافقا للكتاب وموافقا للعامة ، والآخر مخالف للكتاب وللعامة ، فهل يقدم الأول ، أو الثاني؟ مقتضى إطلاق حكمه عليهالسلام بالتخيير عند عدم وجود المرجحات المذكورة هو