التخيير. إلّا ان صحيحة الراوندي (١) على ما حكاه الشيخ (٢) قدم فيها الترجيح بموافقة الكتاب على مخالفة العامة ، فلا بد من الترتيب.
ثم قد يتوهم ان المرجحات لأحد الخبرين المتعارضين على الآخر هو التأخر الزماني ، فلا بد في الخبرين المتعارضين من الأخذ بما هو المتأخر منهما ، سواء كانا صادرين من امام واحد أو من إمامين.
ونقول : الأخبار الواردة في ذلك أربعة.
أحدها : موثقة محمد بن مسلم. عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : قلت له : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه؟ قال : انّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن» (٣) فيستفاد من ذلك لزوم الأخذ بثاني الخبرين.
وفيه : انّه لا يمكن الأخذ بظاهر الموثقة. اما بناء على استحالة كون الخبر تاما فواضح. وأما بناء على إمكانه ، فللإجماع من الفريقين على عدم جواز النسخ بالخبر الواحد. مضافا إلى ان الأخبار الواردة في عرض الأخبار على الكتاب والسنة ، وطرح ما خالف منها لشيء منهما أيضا ، دال على عدم ثبوت النسخ بها ، فلا بد من الالتزام بأحد أمرين ، من حمل الرواية الناسخة على قطعي الصدور ، أو حمل النسخ على معناه اللغوي ، بمعنى رفع الظهور بالتخصيص والتقييد ، فمعنى نسخ السنة بالخبر ارتفاع ظهورها في العموم بتخصيصها بالخبر أو تقييدها به.
وعلى التقديرين تكون هذه الرواية أجنبية عن تعارض الخبرين الظني الصدور بالعموم من وجه أو التباين ، وترجيح المتأخر منهما كما هو واضح.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٩.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٧٤ (ط. جامعة المدرسين).
(٣) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤.