وثانيا : نفرض اختصاصها بالمعاصرين ، إلّا ان الإشكال حينئذ مختص بالتقليد الابتدائي ، ولا يجري في البقاء والاستمرار. بل لا يجري في التقليد الابتدائي على إطلاقه ، لأن المكلف ان كان معاصرا للمجتهد الميت ، ولم يكن مقلدا له ، اما لتقليده عن غيره ، أو نسيان أو عصيان ، أو لكونه عاملا بالاحتياط ، ثم أراد ان يقلده بعد موته ، فان فتواه حينئذ كانت حجة عليه فعلا يقينا.
وأما الإشكال من ناحية الشك في البقاء ، فربما يقال : بتبدل الموضوع في المقام ، فان الميت والحي بنظر العرف الّذي هو الميزان في الاستصحاب موضوعان متغايران ، وان كان الموت حقيقة وبالدقة كمالا للإنسان ، ولذا يرى عامة الناس المعاد من إعادة المعدوم.
ثم أيد هذا الإشكال كما في الكفاية (١) بما إذا عدل المجتهد عن رأيه ، أو زال علمه بجنون أو شيخوخة أو غير ذلك ، فانه لا يجوز تقليده في جميع هذه الصور ، ولا فرق بين الموت وبين هذه الأمور.
وفيه : ان المعتبر في الاستصحاب انما هو اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة عرفا ، وهي حجية رأي المجتهد في المقام. توضيحه : ان الأحكام قد تكون تابعة لموضوعاتها حدوثا وبقاء ، كما هو الغالب ، مثل حرمة الخمر ، فانها تدور مدار بقاء الخمرية وارتفاعها. وقد تكون ثابتة بحدوث موضوعها حدوثا وبقاء ، نظير السقوط عن الإمامة بمجرد ان يمد الإنسان على قول ، والفتوى من هذا القبيل ، فان موضوعها حدوث الرّأي ، كما في الاخبار وحجيته ، فهو متيقن الحجية ، ويشك في بقاء تلك الحجية ، فالموضوع باق غير متبدل.
وأما النقض بالعدول فهو غير وارد ، وذلك لأن العدول عن الفتوى كالعدول
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٤٤٣.