وفقد عقيل إهابه ، وضاقت عليه الأرض ، فقال للإمام :
ـ اعطني ما أقضي به ديني ، وعجّل سراحي حتى أرحل عنك.
« كم دينك يا أبا يزيد؟ ».
ـ مائة ألف درهم.
« والله ما هي عندي ، ولا أملكها ، ولكن اصبر حتّى يخرج عطاي فاواسيكه ، ولو لا أنّه لا بدّ للعيال من شيء لأعطيتك كلّه ».
وخاطب عقيل الإمام بعنف قائلا :
ـ بيت المال بيدك ، وأنت تسوّفني إلى عطائك ، وكم عطاؤك؟ وما عسى أن يكون؟ ولو أعطيتنيه كلّه.
وضاق الإمام ذرعا من عقيل ، فطرح أمامه حكم الإسلام قائلا :
« وما أنا وأنت فيه ـ أي في العطاء من بيت المال ـ إلاّ بمنزلة رجل من المسلمين ».
وكان الإمام مطلاّ على صناديق التجّار في السوق ، فقال لعقيل :
« إن أبيت يا أبا يزيد ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصّناديق فاكسر أقفاله وخذ ما فيه ».
وتوهّم عقيل أنّها من أموال الدولة ، فقال للإمام :
ـ ما في هذه الصناديق؟
« فيها أموال التّجار ».
فأنكر عقيل ، وراح يقول بألم ومرارة :
ـ أتأمرني أن أكسر صناديق قوم توكّلوا على الله وجعلوا فيها أموالهم؟