فردّ عليه الإمام قائلا :
« أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فاعطيك أموالهم ، وقد توكّلوا على الله ، وأقفلوا عليها ، وإن شئت أخذت سيفك وأخذت سيفي وخرجنا جميعا إلى الحيرة ، فإنّ فيها تجّارا مياسير ، فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله ».
والتاع عقيل ، وراح يقول بألم :
ـ أوسارقا جئت؟
فأجابه رائد العدالة الإسلامية قائلا :
« تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميعا ».
ولم يجد عقيل منفذا يسلك فيه ، فقد سدّ عليه الإمام جميع النوافذ ، وصيّره أمام العدل الصارم ، الذي لا يستجيب لأي عاطفة ، ولا ينصاع إلاّ إلى الحقّ ، وراح عقيل يقول بحرارة اليأس :
ـ أتأذن لي أن أخرج إلى معاوية؟
« أذنت لك ».
ـ أعنّي على سفري.
فأمر الإمام ولده الزكي الإمام الحسن عليهالسلام بإعطائه أربعمائة درهم نفقة له ، فخرج عقيل وهو يقول :
سيغنيني الّذي
أغناك عنّي |
|
ويقضي ديننا ربّ
قريب (١) |
لقد تجرّد الإمام من جميع المحسوبيات فلم يقم لها أي وزن وأخلص للحقّ والعدل كأعظم ما يكون الإخلاص ، فالقريب والبعيد سواء في ميزانه ... لقد احتاط
__________________
(١) المناقب ١ : ٣٧٩ ، وقريب منه في الصواعق المحرقة : ٧٩.