كما دلّت الآية ـ بوضوح ـ على أنّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام هو نفس رسول الله ، وهو ـ من دون شكّ ـ أفضل وأكمل من جميع خلق الله تعالى ، فعليّ كذلك بمقتضى المساواة بينهما (١).
وقد أدلى بهذا الفخر الرازي قال : كان في الريّ رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي ، وكان معلّم الاثني عشرية ـ يعني الإمامية ـ وكان يزعم أنّ عليّا أفضل من جميع الأنبياء سوى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : ( وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) ؛ إذ ليس المراد بقوله تعالى : ( وَأَنْفُسَنا ) نفس محمّد ؛ لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد غيرها ، وأجمعوا على أنّ ذلك الغير كان عليّ بن أبي طالب ، فدلّت الآية على أنّ نفس عليّ هي نفس محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يمكن أن يكون المراد أنّ هذه النفس عين تلك ، فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي المساواة بينهما في جميع الوجوه تركنا العمل بهذا العموم في حقّ النبوّة ، وفي حقّ الفضل بقيام الدلائل على أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من عليّ ، فبقي ما وراء ذلك معمولا به ، ثمّ الإجماع دلّ على أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أفضل من سائر الأنبياء فيلزم أن يكون عليّ أفضل من سائر الأنبياء (٢).
وهذا الرأي وثيق للغاية ليس فيه أي غلوّ بعد إقامة الدليل الحاسم عليه.
٣ ـ قال تعالى :
( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ... ) السورة.
وذهب جمهور المفسّرين والرواة أنّ هذه السورة نزلت في أهل بيت النبوّة (٣) ،
__________________
(١) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ١ : ٧٤.
(٢) تفسير الرازي ٢ : ٤٨٨.
(٣) تفسير الرازي ١٠ : ٢٤٣. أسباب النزول ـ الواحدي : ١٣٣. روح البيان ٦ : ٥٤٦. ينابيع المودّة ١ : ٩٣. الرياض النضرة ٢ : ٢٢٧. امتاع الاسماع : ٥٠٢.