النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويطفئوا ذلك النور الذي أراد أن يحرّرهم من ظلمات الجاهلية ومآثم الحياة. لقد أرادت قريش أن تنصر أصنامها وأوثانها وتعيد ما فقدته من الهيبة في أوساط العرب.
وأوعز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أخيه وابن عمّه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أن يبيت في فراشه ، ويتّشح ببردته الخضراء (١) ؛ ليوهم على اولئك الأقزام أنّه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يسلم من شرّهم ، وتلقّى الإمام عليهالسلام أمر النبيّ بمزيد من السرور والابتهاج وشعر بالسعادة التي لم يحلم بها من قبل ليكون فداء لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وخرج النبيّ من الدار ، ورماهم بحفنة من التراب أتت على وجوههم الكريهة قائلا : « شاهت الوجوه ذلاّ ».
وأخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتلو قوله تعالى : ( وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) (٢).
إنّ مبيت الإمام عليهالسلام على فراش النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووقايته له بنفسه صفحة مشرقة من جهاده ، ومنقبة لا تعدّ لها أيّة منقبة ، وقد أنزل الله تعالى آية من كتابه ، قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٣) ، ويقول الرواة : إنّ الله تعالى باهى ملائكته بالإمام ، فقد أوحى إلى جبرئيل وميكائيل أنّي آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة ،
__________________
(١) امتاع الأسماع ـ المقريزي ١ : ٣٩.
(٢) يس : ٩.
(٣) البقرة : ٢٠٧.