فاختار كلاهما الحياة على صاحبه ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليهما : أفلا كنتما مثل عليّ ابن أبي طالب آخيت بينه وبين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأس عليّ ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل يقول للإمام :
« بخّ بخّ ، من مثلك يا ابن أبي طالب ، يباهي الله عزّ وجلّ به الملائكة » ، فأنزل الله على رسوله وهو متوجّه إلى المدينة في شأن علي :
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (١).
إنّ مبيت الإمام في فراش النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوحي أنّه الشخصية الثانية في رسالة الإسلام الذي يخلف النبيّ ويمثّل شخصيّته ويقوم مقامه ، ولهذه الكرامة دور مهم في دعوة الإسلام لم ينلها أحد من اسرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه.
ويقول الشاعر الملهم الكبير الشيخ هاشم الكعبي في رائعته :
ومواقف لك دون
أحمد جاوزت |
|
بمقامك التّعريف
والتّحديدا |
فعلى الفراش
مبيت ليلك والعدى |
|
تهدي إليك
بوارقا ورعودا |
فرقدت مثلوج
الفؤاد كأنّما |
|
يهدي القراع
لسمعك التّغريدا |
فكفيت ليلته
وقمت معارضا |
|
بالنّفس لا فشلا
ولا رعديدا |
واستصبحوا فرأوا
دوين مرادهم |
|
جبلا أشمّ
وفارسا صنديدا |
رصدوا الصّباح
لينفقوا كنز الهدى |
|
أوما دروا كنز
الهدى مرصودا |
__________________
(١) اسد الغابة ٤ : ٢٥. نور الأبصار : ٧٧. تفسير الرازي ٥ : ٢٢٣ في تفسير هذه الآية. مسند أحمد ١ : ٣٤٨. تاريخ بغداد ١٣ : ١٩١. طبقات ابن سعد ٨ : ٣٥ ، وغيرها. ذكرت مبيت الإمام في فراش النبيّ ووقايته له بنفسه.