الحقّ. وقال بعضهم : (إِلى سَواءِ الصِّراطِ) ، أي : إلى عدل القضاء.
(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) : أي امرأة (وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها) : [أي انزل عنها لي وضمّها إليّ] (١) (وَعَزَّنِي) : أي وغلبني وقهرني.
وهي تقرأ على وجه آخر : (وعازني) (فِي الْخِطابِ) (٢٣) : وتفسير ذلك بعد هذا الموضع. (قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) : أي ابتليناه (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً) : والركوع هاهنا هو السجود (وَأَنابَ) (٢٤) : أي وأقبل إلى الله بالتوبة والدعاء.
وتفسير الحسن أنّ داوود جمع عبّاد بني إسرائيل فقال : أيّكم كان يمتنع من الشيطان يوما لو وكله الله إلى نفسه؟ فقالوا : لا أحد إلّا أنبياء الله. قال : فكأنّه خطر في الوهم شيء.
قال : فبينما هو في المحراب في يوم صلاته ، والحرس حوله والجنود ، فبينما هو يصلّي ، إذا هو بطير حسن قد وقع في شرفة من شرفات المحراب. قال بعضهم : حمامة من ذهب ، وبعضهم يقول : طير جؤجؤه من ذهب ، وجناحاه ديباج ، ورأسه ياقوتة حمراء ، فأعجبه. وكان له بنيّ يحبّه. فلمّا أعجبه حسنه وقع في نفسه أن يأخذه فيعطيه ابنه.
قال الحسن : فانصرف إليه فجعل يطير من شرفة إلى شرفة ولا يؤيسه (٢) من نفسه حتّى ظهر فوق المحراب. وخلف المحراب حائط (٣) تغتسل فيه النساء الحيّض إذا طهرن ، لا يشرف على ذلك الحائط إلّا من صعد على المحراب ، والمحراب لا يصعده أحد من الناس.
فصعد داوود خلف ذلك الطير ففاجأته امرأة جاره ، لم يعرفها ، تغتسل. فرآها فجأة ، ثمّ غض بصره عنها ، فأعجبته. فأتى بابها فسأل عنها وعن زوجها ؛ فقالوا : إنّ زوجها في أجناد
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٢٩٣.
(٢) وردت الكلمة غير واضحة في ع وز ، فأثبتّ صحّتها من نهاية الأرب للنويري ، ج ١٤ ص ٦١ ـ ٦٢ حيث وردت هكذا : «من غير أن تؤيسه من نفسها» ، و «لم تؤيسه من نفسها». والضمير في كلتا العبارتين راجع إلى الحمامة.
(٣) من معاني الحائط : البستان من النخيل إذا كان محاطا بالحائط ، وهو الجدار ، وجمعه حوائط.