فقال : خصمتك والذي يحلف به. ـ قال بعضهم : خصمتك وربّ الكعبة ـ ، أليس تثني على عيسى ومريم والملائكة خيرا ، وقد علمت أنّ النصارى يعبدون عيسى وأمّه ، وأنّ طائفة من الناس يعبدون الملائكة ، أفليس هؤلاء مع آلهتنا في النار. فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتضاحكت قريش وضجّوا. فذلك قول الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) أي : من الصدود. (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) : قال الكلبيّ : يعنون عيسى. قال الله للنبيّ عليهالسلام (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) (٥٨) : يقول : ما ضربوه لك إلّا ليجادلوك به ، وهم أهل خصومة وجدال. فقال الله عزوجل جوابا لهم : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) ..). [الأنبياء : ١٠١] إلى آخر الآيات (١). وتفسير مجاهد في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) يعني عيسى وعزير والملائكة.
وتفسير الحسن : (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) أي : محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ وذلك أنّ المشركين قالوا : إنّما تريد يا محمّد أن نتّخذك ربّا كما اتّخذ النصارى عيسى ابن مريم. فآلهتنا أحقّ بذلك منك. فقال الله عزوجل : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) يعني ما هذا الذي قالوه إلّا جدل (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) أي يخاصمونك في غير الحقّ.
قال الله عزوجل : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) : أي : بالنبوّة ، يعني عيسى (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٥٩) : أي جعله الله مثلا لهم ، يعني عبرة لبني إسرائيل أي بما كان يصنع من تلك الآيات ممّا يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، وممّا علّمه الله ، وما كان يخبرهم به ممّا يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم.
قوله عزوجل : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (٦٠) : أي ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يعمرون الأرض بدلا منكم (٢).
__________________
(١) وردت هنا في ع وق جملة لا صلة لها بتفسير الآية وهي هذه : «قال الله عزوجل : فلو لا إذ سألتك أولا قلت هذا. ولكن ادكرت إذ حلوت» (كذا) ولم أفهم لمناسبتها هنا معنى ، ويبدو أنّ ذلك سهو من ناسخ لذلك حذفتها ونبّهت عليها بالهامش.
(٢) في ع وق : «لجعلنا خلفاء منكم يعمرون الأرض مكانكم». وفي العبارة اضطراب ونقص. فأثبتّ ما جاء ـ