[أمر الله المؤمنين أن يغفروا لهم] (١) ، وهي منسوخة ، نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] قال : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١٤) : أي يعملون ؛ يجزي المؤمنين بحلمهم عن المشركين ، ويجزي المشركين بشركهم ، وكان هذا قبل أن يؤمروا بقتالهم ، ثمّ نسخ بالقتال.
قوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) : أي يجده عند الله (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) : أي فعلى نفسه. (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (١٥) يوم القيامة.
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا) : أي أعطينا (بَنِي إِسْرائِيلَ) : أي أنزلنا عليهم (الْكِتابَ وَالْحُكْمَ) : قال بعضهم : الحكمة وهي السّنّة (٢). (وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : أي ما أحلّ الله لهم. وقال بعضهم : المنّ والسلوى. (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (١٦) : أي : على عالم زمانهم الذي كانوا فيه ، ولكلّ زمان عالم.
قال : (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) : أي إنّهم أرادوا الدنيا ورخاءها ، فغيّروا كتابهم ، فأحلّوا فيه ما شاءوا ، وحرّموا فيه ما شاءوا ، فترأّسوا على الناس ليستأكلوهم ، واتّبعوهم على ذلك. كقوله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) [التوبة : ٣١] أي : يحلّون لهم ما حرّم الله عليهم فيستحلّونه ، ويحرّمون عليهم ما أحلّ الله لهم فيحرّمونه.
قال : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١٧) :
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٢١.
(٢) هذا وجه من وجوه تأويل معنى الحكمة بالسنّة. ويبدو أنّ المؤلّف فسّر هنا كلمة الحكمة كما جاءت مكتوبة خطأ في مخطوطة ق ، فإن كان ذلك كذلك ، فهو خطأ ، لأنّ ما ورد في الآية هنا إنّما هو (الحكم) لا الحكمة. نعم ، إنّ كلمة (الحكم) قد تدلّ أحيانا على معنى الحكمة كما في قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم : ١٢] أي : الفهم واللبّ والعلم كما ذكره المفسّرون. ولكن قد يراد بالحكم أيضا الحكم على الناس والملك والسلطان. ولعلّ هذا المعنى يكون أولى بالصواب هنا ، يؤيّده قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ ، أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً ..). [المائدة : ٢٠]. وقال القرطبيّ في تفسيره ، ج ١٦ ص ١٦٢ : (الْحُكْمَ) الفهم في الكتاب ، وقيل : الحكم على الناس والقضاء». وهذا المعنى الأخير هو الراجح عندي ، والله أعلم.