(ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) : أي ليوم القيامة (لا رَيْبَ فِيهِ) : أي لا شكّ فيه ، يعني البعث (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢٦) : أي إنّهم مبعوثون.
قوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) (٢٧) : أي المشركون المكذّبون بالبعث. خسروا أنفسهم أن يغنموها فصاروا في النار ، وخسروا أهليهم من الحور العين.
قوله عزوجل : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ) : يعني كفّارها في تفسير الحسن (جاثِيَةً) : أي على ركبها في تفسير بعضهم. وقال مجاهد : أي : على الركب مستوفزين (١). وقال الكلبيّ : (جاثية) : جميعا ، يعني : جثى ، والجثوة عنده جماعة (٢). قال : (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) : أي إلى حسابها ، وهو الكتاب الذي كتبته الملائكة من أعمالهم. (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) : أي يقال لهم : اليوم تجزون (ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨).
(هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٩).
ذكروا عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عبّاس قال : أوّل ما خلق الله القلم ، فقال : اكتب. قال : ربّ ، وما أكتب؟ قال : ما هو كائن ، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ؛ فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميس فيجدونه على ما في الكتاب. وزاد فيه بعضهم : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). ثمّ قال : ألستم قوما عربا؟ هل يكون النسخ إلّا من كتاب (٣).
قال : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) : أي الجنّة (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (٣٠) : أي البيّن. والفوز : النجاة من النار إلى الجنّة. كقوله :
__________________
(١) يقال : استوفز في قعدته : إذا قعد قعودا لم يطمئنّ إليه ، وكأنّه متهيّئ للوثوب ، وانظر اللسان : (وفز).
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٤٨ : «وقوله : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) يريد : كلّ أهل دين. (جاثِيَةً) يقول : مجتمعة للحساب». وانظر اللسان : (جثو).
(٣) وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٤٨ : «الاستنساخ : أنّ الملكين يرفعان عمل الرجل صغيره وكبيره ، فيثبت الله من عمله ما كان له ثواب أو عقاب ، ويطرح منه اللغو الذي لا ثواب فيه ولا عقاب ، كقولك : هلمّ ، وتعال ، واذهب ، فذلك الاستنساخ».