ومقرأ الحسن : (سواء) بالنصب ، على معنى أن يكونوا ـ يعني المؤمنين والمشركين ـ سواء فيما حسب المشركون ، أي : ليسوا سواء (١) أي : إن مات المؤمنون على الإيمان يرزقون الجنّة ، وأمّا المشركون الذين ماتوا على الشرك فهم يدخلون النار. قال الله عزوجل : (ساءَ) : أي بئس (ما يَحْكُمُونَ) (٢١) : أي أن نجعلهم سواء.
قوله : (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) : أي للبعث والحساب والجنّة والنار. قال الله عزوجل : (وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٢).
قال : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) : هو المشرك اتّخذ إلهه هواه فعبد الأوثان من دون الله ، وبعضهم يقرأها (اتخذ ألهة هواه). قال : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ) : أي بكفره فلا يسمع الهدى سمع قبول. (وَقَلْبِهِ) : أي وختم على قلبه ، أي : فلا يفقه الهدى. (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) : فلا يبصر الهدى (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) : أي لا أحد. قال : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٢٣) : يقوله للمشركين.
قوله عزوجل : (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) : أي نموت ونولد. [قال محمّد : يموت قوم ويحيى قوم] (٢) (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) : قال مجاهد : وما يهلكنا إلّا الزمان. أي : هكذا كان أمر من قبلنا ، وكذلك نحن نموت ولا نبعث.
قال الله تعالى : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) : أي بأنّهم لا يبعثون.
(إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٢٤) : أي إن ذلك منهم إلّا ظنّ.
قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) : أي القرآن (بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٥) : أي فأحيوا آباءنا حتّى نصدّقكم بمقالتكم أي : بأنّ الله يحيي الموتى.
قال الله جوابا لقولهم : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) : يعني هذه الحياة (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) : يعني الموت
__________________
(١) انظر وجوه إعراب (سواء) المختلفة في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٤٧ ، وانظر ابن الأنباري ، البيان في غريب إعراب القرآن ، ج ٢ ص ٣٦٥.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٢٢ ، والقول لابن أبي زمنين.