يعرفون منازلهم في الجنّة إذا جاءوا إلى الجنّة. وتفسير الحسن : يعرفون الجنّة بالصفة التي وصفها الله لهم في الدنيا.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ) : أي نصرهم النبيّ ودينه نصر لله (يَنْصُرْكُمْ) الله (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) (٧).
قال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) : تفسير الحسن : إنّ التعس شتم من الله لهم ، وهي كلمة عربيّة (١). (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (٨) : أي أحبط ما كان منها حسنا في الآخرة.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) : أي القرآن (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٩).
قوله عزوجل : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) : أي أهلكهم الله.
(وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) (١٠) : يعني عاقبة الذين من قبلهم. أي الذين تقوم عليهم الساعة ، كفّار آخر هذه الأمّة ، يهلكون بالنفخة الأولى.
قال الله عزوجل : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) : أي وليّهم (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (١١) : أي لا وليّ لهم إلّا الشيطان ، فإنّه وليّهم.
وأمّا قوله : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) [الأنعام : ٦٢] فمعناه مالكهم ، وليس هو من باب ولاية الله للمؤمنين. وقال : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة : ٢٥٧].
قال : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : أي : أنهار الجنّة تجري في غير خدود : الماء والعسل واللبن والخمر ، وهو أبيض كلّه ؛ فطينة النهر مسك أذفر ، ورضراضه الدرّ والياقوت ، وحافاته قباب اللؤلؤ.
قال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ) : أي في الدنيا (وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) وهي غافلة عن الآخرة. قال : (وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) (١٢) : أي منزل للذين كفروا.
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٥٨ : «كأنّه قال : فأتعسهم الله وأضلّ أعمالهم ؛ لأنّ الدعاء قد يجري مجرى الأمر والنهي ، ألا ترى أنّ (أضلّ) فعل ، وأنّها مردودة على التعس ، وهو اسم لأنّ فيه معنى أتعسهم ، وكذلك قوله : (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا) مردودة على أمر مضمر ناصب لضرب الرقاب».