تقاتلوا قوما كأن وجوههم المجانّ المطرقة. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من أشراط الساعة أن يرى رعاء الشاء على رءوس الناس ، وأن يرى الحفاة العراة الجوّع يتبارون في البنيان ، وأن تلد الأمة ربّها وربّتها. ذكروا عن أبي عمران الجوني (١) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : حين بعث إليّ بعث إلى صاحب الصور ، فأهوى به إلى فيه ، وقدّم رجلا وأخّر أخرى ينتظر متى يؤمر فينفخ ؛ ألا فاتّقوا النفخة. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج يوما على أصحابه فقال : كيف بكم وصاحب القرن قد حنى جبهته وأصغى بسمعه ينتظر متى يؤمر فينفخ فيه.
قال : (فَأَنَّى لَهُمْ) : أي فكيف لهم. (إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) (١٨) : أي فكيف لهم التوبة إذا جاءتهم الساعة ، إنّها لا تقبل منهم.
قال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) : أي في الدنيا.
(وَمَثْواكُمْ) (١٩) : إذا صرتم إليه. والمثوى المنزل الذي يثوون فيه ، أي : لا يزولون عنه.
قوله عزوجل : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا) : أي : هلّا (نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) : والمحكمة المفروضة (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) : وهي كلّ سورة فرض فيها القتال ، أي أمر به (رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : يعني المنافقين (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) : أي : خوفا منه وكراهية للقتال. كقوله : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) [المنافقون : ٤].
قال : (فَأَوْلى لَهُمْ) (٢٠) : وهذا وعيد من الله لهم. ثمّ انقطع الكلام ، ثمّ قال : (طاعَةٌ) : أي طاعة لله ورسوله (وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) : أي خير لهم ممّا هم عليه من النفاق.
قال : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) : أي بالجهاد في سبيل الله (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) : فكان عزمهم في الجهاد صدقا (٢) (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) (٢١) : يعني به المنافقين.
__________________
(١) جاء هذا الاسم في ع هكذا : «عن أبي عمران الحولي» ، وجاء في ق هكذا : «أبي صمران الحوا» ؛ والتصحيح من ز ورقة ٢٢٨.
(٢) كذا في ق وع ، وفي ز ورقة ٣٢٦ : «فلو صدقوا الله فكان باطن أمرهم وظاهره صدقا».