قال : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) : يعيبهم (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن الجهاد في سبيل الله (١) (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (٢٢) : أي تقتلوا قرابتكم.
قال : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ) : عن الهدى (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٢٣) عنه.
قال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٢٤) : أي إنّ على قلوب أقفالها ، وهو الطبع الذي طبع الله على قلوبهم بكفرهم.
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) : أي من بعد ما أقرّوا بالإيمان وقامت عليهم الحجّة بالنبيّ والقرآن ، يعني المنافقين (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) : [أي : زيّن لهم] (٢) (وَأَمْلى لَهُمْ) (٢٥) : تفسير الحسن : وسوس إليهم أنّكم تعيشون في الدنيا بغير عذاب ، ثمّ تموتون وتصيرون إلى غير عذاب.
قال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) : أي قال المنافقون للمشركين (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) : أي : سنعتلّ بعلل يقبلها منّا [المؤمنون] (٣) فنتخلّف عن قتالكم فلا نقاتلكم ، فاتّفقوا على ذلك في السرّ ؛ كقوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) أي : إلى قادتهم ورؤسائهم (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) أي : في المودّة والهوى (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (١٤) [البقرة : ١٤] أي : مخادعون. قال بعضهم : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) أي في الشرك ، وافقوهم على الشرك في السّرّ.
قال : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) (٢٦) (٤).
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ ، إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عمّا في قلوبكم من النفاق حتّى تظهروه شركا. قال محمّد : قرأ نافع (عسيتم) بكسر السين ، وقرأ غير واحد من القراء بالفتح ، وهي أعلى اللغتين وأفصحهما. ذكره أبو عبيد». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٦٣ : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ ..). إن تولّيتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض ...».
(٢) زيادة من ز.
(٣) زيادة لا بدّ منها يقتضيها سياق الكلام.
(٤) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٦٣ : «قرأها الناس : (إِسْرارَهُمْ) ، جمع سرّ. وقرأها يحيى بن وثاب وحده : ـ