قال تعالى : (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (١٨) : يعني فتح خيبر.
قال تعالى : (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) في نقمته (حَكِيماً) (١٩) في أمره.
قوله عزوجل : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) : أيّها المؤمنون (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) : أي خيبر (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) : وهم أسد وغطفان إذ كانوا حلفا وأهل خيبر. وكان الله وعد نبيّه خيبر ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يوجّهوا راياتهم إذا أصبحوا إلى غطفان وأسد ، فبلغهم ذلك ، وألقى الله في قلوبهم الرعب ، فهربوا من تحت ليلتهم ، وهو قوله عزوجل : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ..). إلى آخر الآية. وهذا تفسير الكلبيّ.
وقال الحسن : (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) : غنيمة خيبر ، (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) أي : يأخذها المؤمنون إلى يوم القيامة في تفسير الحسن ومجاهد قال : (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) أي : غنيمة خيبر ، (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ). قال : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) ؛ وذلك أنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذوا قافلة من المشركين من أهل مكّة ، فأتوا بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألكم علينا عهد؟ قالوا : لا. قال : أليس دماؤكم حلالا؟ قالوا : بلى ، فتركهم (١).
وقال الحسن : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) يعني مشركي أهل مكّة. قال تعالى : (وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) : أي ما صنع النبيّ عليهالسلام من تركه القوم الذين ترك. (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢٠) : أي الإسلام ، وهو الطريق المستقيم إلى الجنّة.
قال : (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) بعد (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) : أي علم أنّكم ستظفرون
__________________
ـ الأخير وجها مناسبا هنا ؛ والله أعلم.
(١) كذا ورد هذا الخبر في هذا التفسير. ولم أجد فيما بين يديّ من المصادر قصّة هذه القافلة. والذي لم جاء في كتب التفسير والتاريخ في سبب نزول هذه الآية : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ) أنّ قريشا أرسلت عددا من المشركين ليأخذوا المسلمين على غرّة ، فأخذهم المسلمون أخذا ، فعفا عنهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. انظر سيرة ابن هشام ، ج ٣ ص ٣١٤ ، وتفسير الطبريّ ، ج ٢٦ ص ٩٤ ، والدر المنثور ، ج ٦ ص ٧٥ ، وأسباب النزول للواحدي ، ص ٤٠٥. وقد روى الواحدي خبرين متشابهين في الموضوع عن أنس ، وعن عبد الله بن مغفّل المزنيّ.