هي إيمان وإسلام (شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٤).
قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : أي الذين صدّقوا الله وصدّقوا رسوله في كلّ ما تعبّدهم به من قول وعمل (ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) : أي لم يشكّوا (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ) : أي الذين هذه صفتهم (هُمُ الصَّادِقُونَ) (١٥) : أي المستكملو فرائض الله ، الموفون بها ، فهم المؤمنون ؛ أي : ليسوا كالمنافقين الذين أقرّوا بالله بألسنتهم وخالفوا النبيّ والمؤمنين في أعمالهم.
قوله عزوجل : (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) : أي إنّ دينكم الذين عليه عقدكم (١) ترك الوفاء والتضييع والخيانة. قال تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٦).
قوله عزوجل : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) : أي بأن هداكم للإيمان (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٧) : أي إن كنتم مؤمنين. أي : إنّكم لستم بصادقين ولستم بمؤمنين حتّى تستكملوا القول والعمل جميعا. كقوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي : أقرّوا ولم يعملوا (اتَّقُوا اللهَ) أي : اخشوا الله (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١١٩) [التوبة : ١١٩] أي : أهل الوفاء والاستكمال لفرائض الله الذين صدقوا بالقول والعمل ، وهم المؤمنون أهل الصدق والوفاء (٢).
__________________
ـ ألت يألت ، وقوم يقولون : لات يليت ...». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ : (لا يَلِتْكُمْ) لا ينقصكم ، ولا يظلمكم من أعمالكم شيئا وهي من لات يليت ، والفرّاء مجمعون عليها. وقد قرأ بعضهم : (لا يَلِتْكُمْ) ، ولست أشتهيها ، لأنّها بغير ألف كتبت في المصاحف ...». انظر في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٧٤ تفصيلا لوجه ترجيح أصل الكلمة ، وكأنّه ردّ صريح على أبي عبيدة. والحقّ أنّ حجّة الفرّاء أبلغ في الموضوع ، وإن لم يكن على قراءة الكلمة إجماع كما قال ، فقد قرأ أبو عمرو والحسن وبعضهم : (يألتكم) وانظر : الداني ، كتاب التيسير ، ص ٢٠٢. وانظر : ابن خالويه ، الحجّة ، ص ٣٠٤.
(١) كذا في ق وع : «عقدكم».
(٢) كذا في ق وع ، وهو من تأويل الشيخ هود ولا شكّ. فقد جاء في ز ، ورقة ٣٣٤ ما يلي : «قال الحسن : هم مؤمنون وليسوا بمنافقين ، ولكنّهم كانوا يقولون لرسول الله : أسلمنا قبل أن يسلم بنو فلان ، وقاتلنا معك قبل أن يقاتل بنو فلان. فأنزل الله : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ ، أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ).