(أَفَسِحْرٌ هذا) : يقال لهم هذا على الاستفهام (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (١٥) : أي في الدنيا ، إذ كنتم تقولون : هذا سحر ، أي : إنّه ليس بسحر.
(اصْلَوْها) : يعني النار (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ) : وهو كقوله : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) [إبراهيم : ٢١] قال : (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٦) : أي في الدنيا.
قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ) : أي مسرورين (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) : أي بما أعطاهم ربّهم. وقال بعضهم : معجبين بما هم فيه من نعيم الجنّة. (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ) : أي وصرف عنهم (عَذابَ الْجَحِيمِ) (١٨).
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٩) : ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ أهل الجنّة يأكلون فيها ويشربون ولا يبولون ولا يتغوّطون إنّما يكون جشاء ورشح مسك ، ويلهمون الحمد والتسبيح كما يلهمون النفس (١).
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ أحدهم ليعطى قوّة مائة رجل في الطعام والشرب والجماع. قيل : يا رسول الله ، إنّ الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة؟ قال : حاجة أحدهم أن يعرق فرشحه ريح مسك ، وهو البول.
ذكروا أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، كيف شهاء (٢) أهل الجنّة؟ قال : يأكلون ويشربون حتّى إذا امتلأت بطونهم قيل لهم : هنيئا لكم شهوتكم ، فيرشحون عند ذلك مسكا ، لا يتغوّطون ولا يمتخطون (٣).
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه أحمد ، وأخرجه مسلم في كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها ، باب في صفات الجنّة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيّا ، من حديث جابر بن عبد الله (رقم ٢٨٣٥).
(٢) كذا في ق وع : «شهاء» ولم أعثر على هذه اللفظة فيما بين يديّ من معاجم اللغة. وإنّ كان القياس الصرفيّ لا يمنعها. يقال : شهي الطعام ، يشهاه ، وشهاه ، يشهوه شهوة ، وتشهّاه واشتهاه ، إذا أحبّه ورغب فيه. وانظر اللسان : (شها).
(٣) رواه أحمد والنسائي عن زيد بن أرقم. وقال المنذريّ في الترغيب والترهيب ، ج ٤ ص ٥٢٥ : «ورواته يحتجّ بهم في الصحيح. والسائل في الحديث رجل من أهل الكتاب».