قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) : يعني آدم (مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) (١٤) : وهو التراب اليابس الذي يسمع له صلصلة. وقال مجاهد : الذي قد صلّ ، أي : أنتن.
قوله عزوجل : (كَالْفَخَّارِ) له صوت كالفخّار المتكسّر إذا حرّك. وكان آدم في حالات قبل أن ينفخ فيه الروح. قال تعالى في آية أخرى : (مِنْ طِينٍ) (٧) [السجدة : ٧] وقال : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢٦) [الحجر : ٢٦] أي : من طين منتن فيما ذكروا عن عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس.
قال تعالى : (وَخَلَقَ الْجَانَّ) : يعني إبليس (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) (١٥) : تفسير الحسن : من لسان النار ولهبها. قال ابن عبّاس : من خالص النار. وقال مجاهد : من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر ، يعني الاختلاط ، كقوله تعالى : (فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) (٥) [سورة ق : ٥] أي : ملتبس ، وهو المختلط.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٦) : يعني الجنّ والإنس. قال الحسن : الإنس كلّهم من أوّلهم إلى آخرهم ولد آدم. والجنّ كلّهم من أوّلهم إلى آخرهم ولد إبليس.
قوله عزوجل : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (١٧) : أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، ومغرب الشتاء ومغرب الصيف.
قال تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ) : أي نعماء (١) (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٨).
قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) (١٩) : [تفسير قتادة : أفاض أحدهما في الآخر] (٢) (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (٢٠) : [أي : بين العذب والمالح حاجز من قدرة الله لا يبغي أحدهما على صاحبه]. لا يبغي المالح على العذب فيختلط ، ولا العذب على المالح فيختلط.
وقال بعضهم : بين البحرين المالحين بحر فارس وبحر الروم حاجز ، أي : من الأرض.
__________________
ـ تقديرها : قفى. وقال بعضهم : تقديرها معى. و (تُكَذِّبانِ) مجازها مخاطبة الجنّ والإنس وهما الثقلان».
(١) كذا في ق وع : «نعماء» بالإفراد ، وهي النعمة ، وجمعها : نعم وأنعم. وقد تأتي الكلمة مفردة ويراد بها الجمع ، كما في قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) [إبراهيم : ٣٤].
(٢) ما بين المعقوفين في هاتين الآيتين زيادة من ز ، ورقة ٣٤٨ للإيضاح.