في النار. وتفسير الحسن : يجمع بين ناصيته وقدميه من الغلّ لكي لا يضطرب. قال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤٢).
قوله عزوجل : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) (٤٣) : أي المشركون (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (٤٤).
بلغنا (١) ـ والله أعلم ـ أنّ شجرة الزقّوم نابتة في الباب السادس من جهنّم على صخرة من نار ، وتحتها عين من الحميم أسود غليظ ، فيسلّط على أحدهم الجوع ، فينطلق به ، فيأكل منها حتّى يملأ بطنه ، فتغلي في بطنه كغلي الحميم ، فيطلب الشراب ليبرد به جوفه ، فينزل من الشجرة إلى تلك العين التي تخرج من تحت الصخرة ، من فوقها الزقّوم ومن تحتها الحميم ، فتزلّ قدماه على تلك الصفا ، فيقع لظهره ولجنبه ، فيشتوى عليها كما يشتوى الحوت على المقلى. فتسحبه الخزّان على وجهه ، فينحدر على تلك العين ، ولا ينتهي إليها إلّا وقد ذهب لحم وجهه ، فينتهي إلى تلك العين ، فيسقيه الخزّان في إناء من حديد من نار. فإذا أدناه من فيه [اشتوى وجهه ، وإذا وضعه على شفتيه] (٢) تقطّعت شفتاه وتساقطت أضراسه وأنيابه من حرّه. فإذا استقرّ في بطنه أخرج ما كان في بطنه من دبره.
وبلغنا أنّ ابن عبّاس قال : إنّ في جهنّم شجرة نابتة في أصل جهنّم ، لا بدّ للكافر من أكلها ، فتملأ بطنه. فيهوي حتّى إذا انتهى إليها أكل منها. فإذا ملأ بطنه صعد إلى أعلاها. فإذا بلغ إلى أعلاها انحدر إليها أيضا. فإذا أكل منها صعد إلى أعلاها أيضا ، فإذا بلغ إلى أعلاها انحدر إليها.
وقال في آية أخرى : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) (٣) [الغاشية : ٣] أي : كفرت بالله في الدنيا فأعملها وأنصبها في النار ، فهم في عناء وترداد.
قوله تعالى : (حَمِيمٍ آنٍ) فالحميم : الحارّ ، والآني : الذي قد انتهى حرّه. وقال مجاهد : قد بلغ أناه وحان شرابه. ذكروا عن الحسن في قوله : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) (٥) [الغاشية : ٥] أنى حرّها فاجتمع. قال : قد وقد عليها منذ خلق الله السماوات والأرض.
__________________
(١) هذا قول ليحيى بن سلّام ، كما في ز ورقة ٣٤٨.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٤٩.