قال تعالى : (بِأَكْوابٍ) : يسمّى كوبا ، والعرب تسمّيه كوزا ، وهو المدوّر القصير العنق القصير العروة (١). قال تعالى : (وَأَبارِيقَ) : وهو المستطيل الطويل العنق الطويل العروة ، وهو بالفارسيّة أبواه.
قال تعالى : (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (١٨) : أي ظاهرة (٢). (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) : أي عن الخمر ، أي : لا يصيبهم عليها صداع (وَلا يُنْزِفُونَ) (١٩) : ولا تذهب عقولهم ، أي : لا يسكرون ، ولا يبولون ولا يتغوّطون ولا يمتخطون.
قال تعالى : (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) (٢٠) : أي إذا اشتهوا الشعب (٣) من الشجرة انقضّ إليهم ، فأكلوا منه أيّ الثمار شاءوا ، إن شاءوا قياما أو قعودا أو مستلقين ، وهو قوله : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) (٥٤) [الرحمن : ٥٤].
قال : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢١) : ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والذي نفسي بيده إنّ في الجنّة طيرا مثل البخت ، فقال أبو بكر : إنّ ذلك لطير ناعم. قال : والذي يأكل منها أنعم ، وإنّي لأرجو أن تأكل منها يا أبا بكر (٤).
ذكروا أنّ الطير تصفّ بين يدي الرجل ، فإذا اشتهى أحدها اضطرب ثمّ صار بين يديه نضيجا.
ذكروا عن عليّ بن أبي طالب قال : إذا اشتهوا الطعام جاءتهم طيور خضر فترفع أجنحتها ، فيأكلون من جنوبها أيّ الألوان شاءوا ، وفيها من كلّ لون ، يأكلونها ثمّ تطير فتذهب. وبلغنا أنّ الطير تصفّ بين يديه فرسخا ، فالطير أمثال الإبل ، فيقول الطير : يا وليّ الله أمّا أنا فقد رعيت في وادي كذا وكذا وأكلت من ثمار كذا وكذا ، فكل منّي. فإذا اشتهى حسن الطير واشتهى صفته
__________________
(١) كذا في ق وع : وقال الفرّاء في المعاني ج ٣ ص ١٢٣ : «الكوب ما لا أذن له ولا عروة له ، والأباريق ذوات الآذان والعرى». وهذا هو الصحيح كما ذكره المحقّقون من اللغويّين.
(٢) وقال أبو عبيدة في المجاز ؛ ج ٢ ص ٢٤٩ : (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : شراب من معين ، والمعين الماء الظاهر».
(٣) الشّعبة من الشجر ما تفرّق من أغصانها ، وشعب الغصن أطرافه المتفرّقة ، ويقال أيضا : شعب للمفرد منه بدون تاء. انظر اللسان : (شعب).
(٤) انظر الإشارة إليه فيما سلف قريبا ، ج ٤ ، تفسير الآية ٢٢ من سورة الطور.