والأمّهات ، ويا معشر القرابة والأنسبة ، ألم نكن في الدنيا نتراحم ، ألم نسأل فنعطي ، ألم نظلم فنعفو. إنّا خرجنا من الدنيا عطاشا ، وسكنّا القبور عطاشا ، وخرجنا من القبور عطاشا ، ووقفنا طول الموقف عطاشا ، ثمّ سحبنا إلى النار على وجوهنا عطاشا ؛ فقد أحرقت القلوب ، ونضجت الجلود ، وعميت الأبصار. وصمّت الآذان ، (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ). [الأعراف : ٥٠]. قال : ثمّ يؤذن لهم بالجواب ، فيقولون : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) قال : فعند ذلك انقطع رجاؤهم ، وينادون بالويل والثّبور والشهيق.
قال تعالى : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا) : أي فهلّا (تُصَدِّقُونَ) (٥٧) : أي بالبعث ، يقوله للمشركين.
قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) (٥٨) : يعني النطفة ، كقوله عزوجل : (نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) [القيامة : ٣٧] وكقوله : (مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) (٤٦) [النجم : ٤٦] قال تعالى : (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) (٥٩) : على الاستفهام ، أي : لستم بالذي تخلقونه ، ولكن نحن الخالقون.
(نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) : أي لكلّ عبد وقت لا يعدو وقته ، وقال : مجاهد : المتأخّر منهم والمستعجل. قال : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) (٦٠) : أي بمغلوبين (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) : أي آدميّين خيرا منكم. يقوله للمشركين. (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) (٦١) : أي في صورة القردة والخنازير ، في تفسير الحسن. وقال مجاهد : في أيّ خلق شاء.
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى) : أي خلق آدم وذرّيّته بعده ، وقال مجاهد : يعني إذ لم تكونوا شيئا. قال تعالى : (فَلَوْ لا) : أي فهلّا (تَذَكَّرُونَ) (٦٢) : أي فتؤمنوا بالبعث.
قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) : أي : تنبتونه ، يقوله على الاستفهام (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٦٤) : أي لستم الذين تزرعونه ولكن نحن الزارعون المنبتون.
قال : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ) : يعني الزرع (حُطاماً) : وهو كقوله عزوجل : (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) [الكهف : ٤٥].
(فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) (٦٥) : تفسير الحسن : تندّمون ، أي : على ما أنفقتم في الزرع.