وقال مجاهد : أي : فظللتم تعجبون [المعنى : تعجبون لهلاكه بعد خضرته] (١). (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) (٦٦) : أي غرمنا في الزرع (٢) (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) (٦٧) : أي حرمنا الزرع.
قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) : تفسير ابن عبّاس : المزن السحاب. وهو قول مجاهد. وتفسير الحسن : السماء. قال تعالى : (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) (٦٩) : على الاستفهام ، أي : لستم أنتم أنزلتموه من المزن ، ولكن نحن المنزلون.
(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) : أي مرّا (فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) (٧٠) : أي فهلّا تؤمنون. يقوله للمشركين.
قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) (٧١) : أي توقدون (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) : أي التي تخرج منها (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (٧٢) : أي الخالقون ، يعني أم نحن المنبتون.
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) : أي للنار الكبرى. قال الحسن : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ناركم هذه التي توقدون إنّها جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة. قالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية. قال : فإنّها فضلتها تسعة وستّين جزءا. ولقد ضرب بها في الماء مرّتين (٣).
ذكروا عن سلمان الفارسيّ قال : النار سوداء مظلمة ما يضيء لهبها ، ثمّ قرأ هذه الآية : (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) (١٠٠) [الأنبياء : ١٠٠]. ذكر الحسن قال : كان عمر بن الخطّاب إذا همّ أن يوقد النار [أوقد] ثمّ يدني أصبعه منها فيقول : يا ابن الخطّاب ، ألك على هذا صبر؟.
ذكر بعضهم قال : فما ظنّكم عباد الله بعبد قد جعلت في عنقه سلسلة محماة تحرق ما ظهر من جسده وما بطن؟ فلو أنّ حلقة من تلك السلسلة وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص ، فكيف بابن آدم ، وهي عليه وحده. ثمّ يطمس وجهه على دبره ، ويجمع ما بين ناصيته وقدمه ، وقرن معه شيطانه ، تنازعهم الأغلال في حميم ، فبئس القرناء قرنوا معه. فويل لابن آدم
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٥١.
(٢) كذا في ق وع : «أي : غرمنا في الزرع» ، وفي ز : «إنّا لمهلكون». وفي تفسير مجاهد ص ٦٥٠ : «يقول : إنّا لملقون للشرّ». وقال أبو عبيدة والفرّاء وابن قتيبة : «إنّا لمعذّبون». وزاد ابن قتيبة : «من قوله عزوجل : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) [الفرقان : ٦٥] أي : هلكة».
(٣) انظر : الإشارة إلى هذا الحديث فيما سلف ، ج ٢ تفسير الآية ٨١ من سورة التوبة.