وقال بعضهم : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الكفّارات ، أي يا ربّي. قال : وما الكفّارات؟ قلت : المشي بالأقدام إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد خلاف الصلوات ، وإسباغ الوضوء في المكاره. ومن يفعل ذلك يعش بخير ، ويمت بخير ، ويكن من خطيئاته كيوم ولدته أمّه. والدرجات : إطعام الطعام ، وبذل السّلام ، وأن يقوم بالليل والناس نيام. قال : قل : اللهمّ إنّي أسألك الطيّبات ، وترك المنكرات ، وحبّ المساكين ، وأن تقوّني عليّ ، وإذا أردت اللهمّ فتنة فتوفّني غير مفتون.
قوله : (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠) : هو كقوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧) [الرعد : ٧]. أي نبيّ الله المنذر ، والله الهادي.
قوله : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٧٤) : وقد فسّرنا ذلك في سورة البقرة.
وقال الحسن : إنّ الله أمر الملائكة أن تسجد لآدم ، وأمر إبليس بالسجود له ، ولم يكن من الملائكة ، فسجدت الملائكة ولم يسجد إبليس ، واستكبر عن الله وكان من الكافرين. كان أوّل الكافرين ، كما أنّ آدم من الإنس وهو أوّل الإنس. وقال بعضهم : إنّ كلّ عبد كان في أمّ الكتاب شقيّا أو سعيدا ، وكان إبليس ممّن كان في أمّ الكتاب شقيّا.
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) : [يعني : تكبّرت] (١) (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها) : [أي : من السماء] (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) (٧٧) : أي ملعون ، رجم باللعنة. (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٧٨) : يعني إلى يوم الحساب ، وأبدا في الإضمار. قال بعض العلماء : ثلاثة ليست لهم توبة : إبليس ، وابن آدم الذي قتل أخاه ، ومن قتل نبيّا.
(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) : أي فأخّرني.
(إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (٨٠) : أي من المؤخّرين (إِلى يَوْمِ
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٢٩٦.