(فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) : أي ما أعطاهم الله من الخير في الدنيا ، يعني ما أعطاهم فيها من طاعة حسنة ، وفي الآخرة من الجنّة. (وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) : هو كقوله : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (٥٦) [العنكبوت : ٥٦] في الأرض التي أمرتكم أن تهاجروا إليها.
قال : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) : أي الذين صبروا على طاعة الله وعن معصيته (١). (أَجْرَهُمْ) : يعني الجنّة (بِغَيْرِ حِسابٍ) (١٠) : أي لا حساب عليهم في الجنّة. كقوله : (يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) (٤٠) [غافر : ٤٠].
قوله : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (١٢) : أي من هذه الأمّة.
قوله : (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) : [بمتابعتكم على ما تدعونني إليه من عبادة الأوثان] (٢) (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٣) : أي جهنّم.
(قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ) : وهذا وعيد هو له شديد ، أي إنّكم إن عبدتم من دونه عذّبكم. (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ) : أي المغبونين ، وقال في موضع آخر : (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) [التغابن : ٩](الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : أي غبنوا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة (أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) (١٥) : أي الغبن البيّن. خسروا أنفسهم فصاروا في النار ، وخسروا أزواجهم من الحور العين.
إنّ الله جعل لكلّ أحد منزلا في الجنّة وأهلا ، فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل ، ومن عمل بمعصية الله صيّره الله إلى النار ، وكان ذلك المنزل والأهل ميراثا لمن عمل بطاعة الله إلى منازلهم وأهليهم التي جعلها لهم ، فصار جميع ذلك لهم.
قوله : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) : كقوله : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١](ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ
__________________
(١) في ع : «الذين صبروا على فرائض الله وعن معصيته» ، وأثبتّ ما في ز فهو أحسن تعبيرا وأنسب.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٢٩٨.