ذكروا عن الحسن أنّ امرأة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه عرضت له في بعض الأمر فقال : فما أنت ممّا أنت هاهنا ، إنّما أنت لعبة إذا كانت لنا إليك حاجة دعوناك إليها ، ولست من الأمر في شيء (١).
قال تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) : قال بعضهم : ما أطقتم ؛ وذلك أنّ الله أنزل في سورة آل عمران : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [آل عمران : ١٠٢] ، وحقّ تقاته أن يطاع الله فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، فنسختها هذه الآية : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
قال : (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا). وعليها بايع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة فيما استطاعوا. ذكروا عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : على المسلم السمع والطاعة فيما أحبّ وفيما كره ، ما لم يؤمر بمعصية الله ، فإن أمر بمعصية الله فلا طاعة في معصية الله (٢).
وقال بعضهم : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أي : ما كنتم أحياء. وقال بعضهم : ما استطعتم فعلا من الأفاعيل. ذكروا أنّ عمران بن حصين قال للحكم الغفاريّ ، وكلاهما من أصحاب النبيّ عليهالسلام : هل تعلم يوما ما قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا طاعة في معصية الله؟ قال : نعم. قال : الله أكبر (٣).
قال الله تعالى : (وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) : تفسير الحسن : إنّها النفقة في سبيل الله.
__________________
(١) قد يبدو في كلام سيّدنا عمر ـ إن صحّ أنّ القول له ـ شيء من الجفاء والشدّة ، أو ما يشبه أن يكون إهانة للمرأة حين يصفها بأنّها لعبة لا تدعى إلّا للحاجة إليها ، وخاصّة عند ما نقرأ قوله تعالى : (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم : ٢١] ونتفكّر آيات الله في الأزواج ، ولكنّه سيّدنا عمر! رضي الله عنه وأرضاه.
(٢) حديث متّفق على صحّته. أخرجه البخاريّ في كتاب الأحكام ، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية ، وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ، (رقم ١٨٣٩) كلاهما يرويه من حديث ابن عمر.
(٣) اقرأ هذا الخبر مفصّلا في سير أعلام النبلاء ، للذهبي ، ج ٢ ص ٣٤٠ في ترجمة الحاكم بن عمرو الغفاريّ. وفي صحيح مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... «عن جنادة بن أبي أمية قال : دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا : حدّثنا ـ أصلحك الله ـ بحديث ينفع الله به ، سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : دعانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبايعناه. فكان فيما أخذ علينا ، أن بايعنا على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله. قال : إلّا أن تروا كفرا بواحا». (الحديث رقم ١٧٠٩).