(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) : أي الذي يحكم عليك ، وكان هذا قبل أن يؤمر بقتالهم ، ثمّ أمر بقتالهم. (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) : يعني يونس (إِذْ نادى) : [يعني في بطن الحوت](وَهُوَ مَكْظُومٌ) (٤٨) : أي مكروب. وقد مضى تفسير قصّة يونس في غير هذا الموضع (١). قال : (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) فتاب عليه (لَنُبِذَ بِالْعَراءِ) : أي بالأرض إلى يوم القيامة (وَهُوَ مَذْمُومٌ) (٤٩) : أي عند الله. وقال بعضهم : حين نبذ ، أي : حين أخرج من بطن الحوت. كقوله : (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) (١٤٥) [الصافّات : ١٤٥]. قال : (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) : أي فاصطفاه ربّه وأنقذه ممّا كان فيه (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٥٠).
قال عزوجل : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ) : أي لينفذونك (بِأَبْصارِهِمْ) : [لشدّة نظرهم عداوة وبغضا] (٢) (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ) : أي القرآن ، بغضا له (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) (٥١) : يعنون محمّدا عليهالسلام (وَما هُوَ) : يعني القرآن (إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (٥٢) : أي يذكرون به الآخرة والجنّة والنار.
* * *
__________________
(١) انظر ما سلف ، ج ٣ ، تفسير الآية ١٤٠ وما بعدها من سورة الصافّات.
(٢) سقط ما بين المعقوفين من ق وع فأثبتّه من ز. وورد مكانه في ق وع : «قتلا». ولئن صحّ هذا اللفظ فالمراد قتله بإصابته بالعين كما جاء في بعض التفاسير ، منها : معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ١٧٩. ولكنّ ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٤٨٢ يردّ هذا المعنى فيقول : «ولم يرد الله ـ جلّ وعزّ ـ في هذا الموضع أنّهم يصيبونك بأعينهم. كما يصيب العائن بعينه ما يستحسنه ويعجب منه. وإنّما أراد أنّهم ينظرون إليك ، إذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء ، يكاد يزلقك أي : يسقطك كما قال الشاعر :
يتقارضون إذا التقوا في موطن |
|
نظرا يزيل مواطئ الأقدام |