وعن سعيد بن جبير أنّه سئل عن قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) فغضب وقال : والله إنّكم لتقولون قولا عظيما ، إنّما يعني الأمر الشديد. وعن سعيد بن جبير مثله : هو عذاب الاستئصال ، يعني : إنّه يعذّبهم بالنفخة الأولى قبل عذاب يوم القيامة.
قال عزوجل : (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) : أي ذليلة أبصارهم (تَرْهَقُهُمْ) : أي تغشاهم (ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) : أي إلى الصلاة المفروضة (وَهُمْ سالِمُونَ) (٤٣) : رجع إلى قوله تعالى : (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) أي : يخادعون بذلك كما كانوا يخادعون في الدنيا ، وذلك أنّ سجودهم في الدنيا راءوا به الناس (١).
قوله عزوجل : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) : يعني القرآن. وهذا وعيد بالعذاب لمن كذّب بالقرآن. (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) : يعني المكذبين (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) (٤٤) وهذا مثل قوله عزوجل : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤) ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) أي : مكان الشّدّة الرخاء (حَتَّى عَفَوْا) أي حتّى كثروا (وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩٥) [الأعراف : ٩٤ ـ ٩٥] أي أخذناهم أحسن ما كانوا حالا وآمنه ، فأهلكهم ، فحذّر المشركين ذلك.
قوله عزوجل : (وَأُمْلِي لَهُمْ) : [أي : أطيل لهم وأمهلهم] (٢) حتّى يبلغوا الوقت الذي آخذهم فيه. (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٤٥) : أي شديد. وكيده أخذه إيّاهم بالعذاب. وقد عذّب الله أوائل هذه الأمّة أبا جهل وأصحابه بعذاب شديد.
قال تعالى : (أَمْ تَسْئَلُهُمْ) : يقول للنبيّ عليهالسلام : أم تسأل المشركين على القرآن (أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (٤٦) : أي قد أثقلهم الغرم. وهذا استفهام. أي : إنّك لست تسألهم أجرا على القرآن.
قال : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) : أي علم الغيب (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (٤٧) : أي لأنفسهم الجنّة إن كانت جنّة.
__________________
(١) كذا في ق وع ، وفي ز ، ورقة ٣٧٠ : «وذلك أنّ سجودهم في الدنيا لم يكن لله إنّما كان رياء حتّى لا يقتلوا ولا تسبى ذراريهم». وهذه العبارة أوفى وأوضح معنى.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٠.