قوما إلّا كان معهم. والرابعة لو حلفت عليها لبررت : لا يستر الله على عبد في الدنيا إلّا ستر عليه غدا في الآخرة.
قال الله : (أَمْ لَكُمْ) : يقوله للمشركين. (كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ) (٣٧) : أي تقرءون (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ) : أي في ذلك الكتاب (لَما تَخَيَّرُونَ) (٣٨) : أي ما تخيّرون. واللام صلة. [أي : ليس عندكم كتاب تقرءون فيه إنّ لكم لما تخيّرون] (١).
قال تعالى : (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) (٣٩) : أي ما تحكمون. يقول : أم جعلنا لكم بأنّ لكم ما تحكمون. أي : لم نفعل. وقد جعل الله للمؤمنين عنده عهدا. وقال : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٨٧) [مريم : ٨٧]. وقال لليهود : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) [البقرة : ٨٠].
قال تعالى : (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) (٤٠) : أي حميل (٢) ، أي : يحمل عنّا لهم بأنّ لهم ما يحكمون ، أي : يوم القيامة لأنفسهم بالجنّة ، إن كانت جنّة ، لقول أحدهم : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [سورة فصّلت : ٥٠] أي للجنّة ، إن كانت جنّة.
قوله عزوجل : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) : أي خلقوا مع الله شيئا (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) (٤١) : أي قد أشركوا بالله آلهة لم يخلقوا مع الله شيئا.
قوله عزوجل : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) : قال الحسن : عن ساق الآخرة. وقال مجاهد : عن شدّة الأمر وجدّه ، أي : عن الأمر الشديد. وحدثني (٣) هشام عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن عبّاس أنّه كان يقول في قوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) قال : يكشف عن شدّة يوم القيامة. وعن الضحّاك أنّه كان يرى مثل ذلك.
قال ابن عبّاس : كانت العرب إذا اشتدّت الحرب بينهم قالوا : قامت الحرب بنا على ساق.
__________________
(١) زيادة من ز ورقة ٣٦٩.
(٢) جاء في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ١٧٧ : «يريد : كفيل ، ويقال له الحميل ؛ والقبيل والصبير والزعيم في كلام العرب : الضامن والمتكلّم عنهم ، والقائم بأمرهم».
(٣) هذه الأقوال في تفسير قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) جاءت في ق وع بعد قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) فجعلتها في نسقها مع الأقوال الأولى. والعبارة : «حدّثني» إنّما هي من قول ابن سلّام ولا شكّ.